للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* السّهمي في بلاط كسرى:

ولقد سمعت في الهجرة الشريفة «١» جزآ من قصة ذلك الأعرابي الذي وطئت قدماه بلاط الروم عبد الله بن حذافة السّهمي «٢» (نحو ٣٣ هـ) الذي وطئ كذلك بلاط كسرى، حيث أرسله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى إمبراطور الدولة الفارسية كسرى أبرويز (خسرو الثاني) «٣» بن هرمز بن أنوشيروان، برسالة يدعوه فيها إلى الإسلام، وهذا نصّها:

«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس: سلام على من اتّبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد ألاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدا عبده ورسوله.

وأدعوك بدعاء الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ [يس: ٧٠] .

فأسلم تسلم فإن أبيت فإنّ إثم المجوس عليك» «٤» .

حملها ابن حذافة حتى وصل بها بلاط الفرس. وحين دخل ابن حذافة هذا، بشملته الرقيقة، وعباءته الصفيقة؛ إلى بلاط كسرى ذي الفخفخة والأبّهة والزهوّ المترف المتأله، كان ابن حذافة بإيمانه- الذي تقدم به، ورفعه مكانة عالية، استصغرت كل ذلك- أكبر من كل الجاهليات ومن كل الجبابرة، وأكبر من كل بلاط، مهما كانت فخامته وضخامته، وتجبر بجيشه وحاشيته وحرسه، وبدا في أبّهته وفخفخته، بترفه وطغيانه المتأله المبهور المغرور، مثلما استقر عليه حال بلاط كسرى، لكن ابن حذافة كان أقوى من


(١) انظر: أدناه، ٢٩٩. والإشارة هنا حسب ترتيب الإلقاء يومها.
(٢) سير أعلام النبلاء (٢/ ١١) . الاستيعاب (٣/ ٨٨٨) . أسد الغابة (٣/ ٢١١- ٢١٢) .
(٣) زاد المعاد (١/ ١٢١) . السيرة النبوية، الندوي (٢٥٦) . الاستيعاب (٣/ ٨٨٩) . أسد الغابة (٣/ ٢١٢) .
(٤) رواه البخاري: أرقام (٦٤) (٢٧٨١) (٤١٦٢) (٦٨٣٦) . ومسلم: رقم (١٧٧٤) . انظر: مجموعة الوثائق السياسية (١٤٠) .

<<  <   >  >>