الأمهات في السيرة الشريفة نفسها، فضلا عن كتب السنة، وأولها الحديث الشريف، ما أغنى مادتها. وذلك فضل من الله ندعوه أن يأخذ مداه إلى تنوير الكتابة في بقية مراحل التاريخ الإسلامي وقضاياه، الذي غدا اليوم ضرورة ملحّة أشدّ الإلحاح.
[* دراسة وكتابة السيرة الشريفة وآفاقها:]
ولا بدّ من خدمة التاريخ الإسلامي عموما، والسيرة النبوية خصوصا، بشكل مجوّد، محبّب رصين كريم، والانتفاع بكل ما كتب ويكتب فيها من الجيد الأمين الأصيل، ولمختلف المراحل والجوانب والأحجام والتفاصيل، وبأسلوب يقود إلى تثبيت المعاني الفاضلة وتحبيبها وتقريبها، والاجتذاب؛ لترتقي بها إلى آفاقها الرحيبة الوسيعة المضيئة الطاهرة الباهرة النادرة، حتى تستنير، وترتفع، وتستقيم على الطريق.
فمن المهمّ جدا فهم السيرة، وتدبّرها، والكتابة عنها، وتوعية الناس بها، ليس في المناسبات فحسب، بل على الدوام، وذلك جزء من مقتضيات الإسلام، ولا سيما في هذا العصر.
ومن المهمّات التي تجتهد هذه الدراسة أخذ نفسها بها- وهي تحيا بها بفضل الله- ألا تنوي شرح السيرة الشريفة- منهجية دراستها وعرض أحداثها- أفكارا ونظرات مجردة، بعيدة عن حركتها وتفاعلها وصيغها وصورها ومواكبها العلمية العالية، فهي تقدّمها نابعة من سيرها ومعتركها ومواقعها، حيّة متلاحمة لصياغة الحياة الجديدة، تبنيها وتحميها، آخذة بتفاصيلها هي نفسها في عرض الأمور، وسوق الصيغة المناسبة من رؤيتها، معاني حية في الحياة، وتسجيل حركتها بهذا الدين وحمله في قلبها ونفسها تعض عليه بنواجذها، سائرة في موكب النور وطريق البناء- بكتاب الله وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسيرته- يقود موكبه المنير، أسوة حسنة، وقدوة كريمة.
وهذه الدراسة تنظر وترقب تلك المواكب وهي تشيد وتبني وسط