وإذا كان الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم القدوة المثلى والأسوة الحسنى في كل ذلك لمن كان معه ولمن يأتي بعده- طول الحياة وحتى يوم الدين- فإن المجتمع الذي أنشأه بوحي الله ودعوته وبمنهج الإسلام وشريعته وتوجيه الله تعالى ووحيه، كان المثال والقدوة لكل ما يليه من الأجيال والمجتمعات في حياة الإنسان التي تريد السعادة وتأخذ بمنهج الله تعالى في جولات وصولات حاضرات وقادمات، حالا ومستقبلا إن شاء الله تعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمران: ١٩] ، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ [آل عمران: ٨٥] .
وليس أصح القول أن إنسانا بهذا الدين يستغني عن كل ما عداه فحسب، بل الصحيح الدقيق أنه لا يصلح حاله بسواه ولا يستقيم أمره إلا إياه، فلا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. وأول هذه الأمة ومجدها ونسبها إلى هذا الدين الذي ارتضاه الله للعالمين، وأرسل به محمدا صلّى الله عليه وسلّم ليختم به الرسالات والأنبياء والمرسلين، ويبقى هو الدين المرتضى والمبتغى والمجتبى. فتاريخ الإسلام بدايتها، والإسلام نسبها، والرسول صلّى الله عليه وسلّم قائدها، فلا يصلحها غيره. ومن الأولى ألّا يصلح غيره غيرها.
[* الصحابة فخر الميادين، ازدحمت بهم الساحات:]
فأولئك الصحابة الكرام استوعبوا واستجابوا، عرفوا بهذا الدين قدر الأمور فكانوا عندها. قدروا الله حق قدره وعرفوا مكانة الرسول صلّى الله عليه وسلّم ونعمة هذا الدين ومنحوا ذلك كل ما عليهم نحوها. فكانوا قمة الإنسانية المؤمنة والجيل الذي لا يتكرر أو إلا بصعوبة بالغة وعصبة (سائغة) وبيعة زاكية، نوعا ودرجة وعددا، وبهذه السعة والأفق والكثرة، وملؤوا الميادين في كل العلوم والفنون. ومن تلك القلة كانت الأعلام الكثيرة، نساء ورجالا، شيوخا وأطفالا وشيبا وشبانا.
والأعلام- كثرة ونوعا ودرجة- دليل أبلغ دليل، موضوع بحاجة إلى