هكذا دوما تزخر بها، وتذخر، وتفخر، يشدّون بها الأمة إلى دينها، ويجدّدون أمره وأمرها، ويثيرون معانيها حية في نفوسهم. فهو صلّى الله عليه وسلم خير أسوة والقدوة المثال لكل قدوة بعده ومثال غيره، وهو معنى قول الله تعالى:
لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب: ٢١] . ومع وفرة التأليف لدى السّلف في السيرة النبوية الشريفة بكافة جوانبها ومضامينها ومجاليها، فقد أبقوا للخلف الكثير والكثير جدا.
لتسر هذه تربية عميقة، وتروية بالغة، وقاعدة دفّاعة صلبة، وجذورا غائرة، في الجيل المثالي والمثيل، الذي تنظر إليه الأمة الإسلامية، في أجيالها التالية؛ ولذلك وصفه الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم- خير القرون- بذلك الجيل المثال العال- وما يليها، تسري روحها كل أحد، بما تمثّل به من حقائق الإسلام.
* نعمة حفظ الله تعالى لكتابه وسنّة رسوله:
ومن لطف الله تعالى ورحمته لهذه الأمة الخيرة- بالتزامها المؤمن بدين الله، والمعتز بمنهجه وحده، خلوصا وإخلاصا- ولأهل هذه الأرض، أن حفظ الله تعالى كتابه الكريم المنزل، وقيض من يخدم ويدوّن ويحمي ويحفظ سنّة نبيه صلّى الله عليه وسلم المطهرة، ويسجل كلّ تفاصيل ودقائق وحقائق وأنفاس سيرته النبوية الشريفة صلّى الله عليه وسلم.
وكلما عاشت الأمة المسلمة في كل الدائرة المنيرة، اتّسمت بالخيرية استمدتها صافية من هذا المنهج، وارتوتها زلالا من النبع الأصيل- كانت بها حقيقة ولها دقيقة وفيها متمتعة، وستبقى الأمة المسلمة تعيش كذلك، إن شاء الله، مهما تفاوت الأمر، وتردّد.
وكلما انحرفت، إليها تؤول، وكلما التاث أمرها إليها تفيء، ومهما ألمّ بها، بنورها تجدّد، وعلى طريقها تردّد. وما أكثر ما حدث ويحدث