وفي معركة اليمامة حين اشتدّت الحرب، وتكاثر العدو على المسلمين، صاح أبو حذيفة في المسلمين:(يا أهل القرآن زيّنوا القرآن بالفعال) . وفيها صاح سالم مولى أبي حذيفة؛ الذي وصفه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقوله:«إنّ سالما شديد الحب لله» ، وهو فارسيّ من إصطخر، ومن المهاجرين، وكان يحمل رايته- راية المسلمين- في تلك المعركة، صاح قائلا:(بئس حامل القرآن أنا إن لم أقتل في سبيل الله) ، فحفر له حفرة، ووقف فيها يقاتل.
فقطعت يده اليمنى ثم اليسرى، واعتضد الراية حتى استشهد «١» .
إنّ ما يسكبه الإيمان بالله تعالى ودعوته، وكل مقتضيات هذا الإيمان، من قوة في النفس، وما يفتّق فيها من طاقة، وما يحبوها من بركة ويبوّئها من مكانة رفيعة، لأمر فوق التصوّر. إنه ينابيع كلمات الله تتفجر لتكون مثالا، مزيدا لا ينال، ولا يطلب إلا بهذا الدين وحده، كوّنه الإسلام، ويكونه الآن وعلى الدوام، بنوره في أكثر من مكان، في الدعوة الإسلامية العامرة، وهي تسعى لإقامة دولة القرآن، ومن أجل ذلك تسعى وتجاهد وتبذل وتضحي، وتقارع الظلم والظالمين، وتطارد البغي والباغين؛ لتغرس الخير والنور والحق المبين، وهذا ما نلحظه من خلال التاريخ الإسلاميّ كله، وعلى مداراته المتتابعة.
* أمّة القرآن عودي للقرآن:
فيا أمة القرآن! عودة إلى هذا القرآن، وهو الذي جعل الله القضية الأساسية الكبرى فيه: الألوهية والعبودية. الألوهية الحقة بخصائصها في الربوبية، والقوامة، والحاكمية، والعبودية الكاملة التي تعبّد الناس لإلههم الحق- سبحانه وتعالى- في كل حال ومال.