وسجودا، فهو أعرفهم بالله سبحانه وتعالى. وهكذا كان عليه الصلاة والسلام في كل الأمور عالي الآفاق، بعيد الأغوار، وفير الأذكار.
[* مدلولات فريدة جديدة:]
في قصة ربيعة مدلولات متعددة، كلها ذات معان رفيعة، ولكني أبرز هنا اثنين منها، هما:
١- شمول وعمق ودقة معرفة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم بنفوس أصحابه، واستعداداتها ومداخلها ودواخلها وإمكانياتها ونوافذها ومقدار إقبالها، مثلما تشمل رعايتها وتربيتها ومعاونتها لتحقيق مستويات متراقية في تسلق وارتقاء واعتلاء قمم التقدم المتعالية في سلّم الإسلام. والأمر كذلك في أخذ هؤلاء الأصحاب الكرام بخير وأكرم وأفعل الأساليب للوصول إلى ذلك، بأبرك سبيل وأروع ثمرة وأزهى غرس، في تعميق الرغبة للاستمرار في هذا الاتجاه، وذلك اعتمادا على بنائهم الإيماني الرباني الذي شاده الإسلام وبوحي الله تعالى في قرآنه المنزل ثم بجهاد وجهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم. فكانت الإشارة والتلميح والنظرة كافية لتفعل ما لا يفعله المجهود الضخم والقوة الآمرة والقوانين الساهرة «١» .
(١) وهذا واضح في الأفراد والجماعات والتجمعات. والأمثلة لكل هذا كثيرة جدا، فالسيرة أحداث ومواقف وأخلاق وتعامل وبذل والتزام بالإسلام كله وفي كل الأحوال والدوائر. ولقد ورد ويرد بعض هذه الشواهد. خذ مثلا تعيير أبي ذر بلالا الحبشي رضي الله عنه بأمه السوداء، وماذا قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية ... » . رواه البخاري: كتاب الإيمان. باب المعاصي من أمر الجاهلية، رقم (٣٠) . كذلك: أرقام (٢٤٠٧) ، (٥٧٠٣) . ومسلم: رقم (١٦٦١) . وأبو داود، رقم (٥١٥٧) . والترمذي، رقم (١٩٤٥) . ومسند الإمام أحمد، (٥/ ١٦١) . وهو حديث حسن صحيح. وبالمناسبة فقد كان لعبد الله بن عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما- ابن اسمه بلال،