للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغدت هذه الأمور واضحة للمؤمنين بدعوة الله وعلى يد الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم، الذي بعثه الله تعالى بهذا الدين رحمة للعالمين، بما رباهم عليه القرآن الكريم بهذه المعاني المشهودة في تاريخ الأنبياء (عليهم السلام) ومنهم قصة موسى (عليه السّلام) وفرعون. وهكذا القصص الآخرى التي أراد الله تعالى أن يتعلم المسلمون منها تثبيتا لقلوبهم وتسرية عنهم وتسلية لهم، ليحتملوا ألوان الاضطهاد على يد أعداء الله تعالى. وهو ما جرى لسحرة فرعون الذين آمنوا بموسى (عليه السلام) وما يجري دوما مع الأنبياء (عليهم السلام) وأتباعهم، حين غمر الإيمان قلوبهم، ونوّر بصائرهم، وأحيا نفوسهم.

ومنه ما جرى- ويجري دوما- لأتباع هذا الدين الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم، ابتداء من العهد المكي، ومنذ أول يوم آمنوا به ومن أول عهدهم بها هناك، لا يفزعون ولا يتزعزعون، حتى النساء والإماء والعبيد، مثلما الأغنياء المتقدمين والمتمكنين سواء بسواء. ثم الأنصار، من بيعات العقبة الثلاث، وآخرها بيعة العقبة الكبرى، فور إسلامهم وأداء البيعة للنبي صلّى الله عليه وسلم على نصرته. وذلك «حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه وإعزاز الإسلام وأهله وإذلال الشرك وأهله» »

. وكذلك المهاجرون في العهدين المكي والمدني وبعدهما، ولصحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوال حياتهم وأجيال ممن تلتهم وتتلوهم من الأمة المسلمة، إن شاء الله تعالى.

[* لله سنة جارية ثابتة بملازمة العاقبة للمتقين:]

فالإسلام والأمة المسلمة حيثما بعث الله الأنبياء والرسل (عليهم السلام) ، لا سيما منذ بعث الله خليله إبراهيم (عليه السلام) وهو أبو الأنبياء جميعا (عليهم السلام) وأتباعه هم المسلمون، وصّاهم بذلك، وهي وصية


(١) سيرة ابن هشام، (١/ ٤٣٨) .

<<  <   >  >>