للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والهجرة والاحتفال بها، موسم إسلامي، جرى التنازل عن كثير من معانيها، فنزلت حالنا عن آفاقها، لكن الخير كل الخير في الأخذ بمنهج الإسلام وحده، واتّباع نبيه الكريم صلّى الله عليه وسلّم وأمته الربانية المؤمنة إلى يوم القيامة.

ومثل هذا الاحتفال محطة وواحة؛ للترميم والمداواة والتجديد والترشيد في كافة الأحوال، تركن إليها كلما تكشف غطاء الحنين، واقتربت تقتبس الضياء، وأحست شدّتها اللاهثة عطشا فلا ماء، إلّا من هذا المورد الصافي الزلال الأصيل، لكن متى تأتي هذه الأمة لترتوي فتصح، وتسمو، فتفلح؟

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينادي في المواسم قائلا: «أيها الناس! قولوا لا إله إلا الله تفلحوا» «١» . فالفلاح في الدارين، بهذا الدين وحده؛ لتكون كل حياتها خضرة نضرة، تعمر الدنيا والآخرة، وتفوز برضوان الله والجنة.

ليست الهجرة الشريفة حدثا ظاهريا، ولا قضية منقطعة؛ لظاهرة مبتورة، فهي فداء وعطاء ... كانت إحدى ثمار مقدمات ومقومات، هي التي فعلت، فكانت الهجرة التي استجاب المسلمون لأمرها سراعا، بحب وفرح، ولو طلب منهم أيّ شيء لتنافسوا في تقديمه.

والاتجاه في الهجرة هو الاتجاه الإسلامي في تناول الأمور، القائم على الإيمان والحب والفداء، والأخذ بكل الأسباب- سنّة الله تعالى- معتمدين عليه سبحانه. وبه قامت دولة الإسلام الأولى وما تلاها وما بعدها، والفتوحات الإسلامية وحضارتها. ووصلنا الإسلام؛ الذي قصرنا فيه، ولعل الكثير من الأسباب والنتائج والآثار معروفة ومشهودة واضحة.

وحين يكون احتفالنا بهذه الصفة الصافية، متجهين بالنية إلى الله، فهو عبادة، ولا نحتاج إلى زيادة في التحضير والإنفاق، غير اتجاه القلب إلى الله ليتم لنا ذلك إن شاء الله تعالى.


(١) سبق ذكره. انظر: سيرة ابن هشام (١/ ٤٢٣) . حياة الصحابة (١/ ٩٨، ١٠٧) .

<<  <   >  >>