للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجوههم: (أحد أحد) ، وأنه لو يعرف كلمة في الإسلام تقال أشد منها عليهم لقالها.

وكذلك آل ياسر الذين قال فيهن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة» «١» . سميّة وزوجها ياسر وابنهما عمار. كان الأبوان أول الشهداء في الإسلام إذ قتلت سمية بطعنة رمح، في موطن العفة، من أبي جهل. وهي تعلم أنه سيفعل ذلك بها. وكان يمكن أن تبقي على حياتها مسلمة مؤمنة بكلمات يرميها لسانها عليهم. واستشهد ياسر تحت التعذيب.

وفي العهد المدني ترى جميع الصحابة- نساء ورجالا- أبطالا عظاما.

انظرهم كيف فعلوا وهم يمتطون قمم العزائم. وذلك لا يحدث ولا جزء منه إلا بهذا الدين الذي نرجو أن تعود صيغه وفيرة منيرة، لتحرر الإنسان من العبودية لغير الله وتعبّده لله رب العالمين، وتحمل راية هذا الدين تطوف بها جنبات الأرض الواسعة.

انظر ماذا فعل حبيب بن زيد الأنصاري «٢» الذي أرسله رسول الله صلّى الله عليه وسلم رسولا إلى مسيلمة الكذاب باليمامة. فكان مسيلمة إذا قال له: أتشهد أن محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وإذا قال له: أتشهد أني رسول الله؟

قال: أنا أصم لا أسمع. فعله مرارا، فقطعه مسيلمة عضوا عضوا ومات شهيدا رحمه الله «٣» . لا يزيده على ذلك إذا ذكر له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آمن به وصلّى عليه، وإذا ذكر له مسيلمة قال: لا أسمع «٤» . وكان دمه يسيل ويسأله فيجيب نفس الجواب إلى آخر رمق به، وهو ثابت على ذلك. رحمه الله تعالى ورضي عنه وأرضاه.


(١) سبق ذكره، ص ٢١٤، وانظر: حياة الصحابة، (١/ ٢٩١) .
(٢) انظر: الإصابة، (١/ ٣٠٦) ، رقم (١٥٨٤) . الاستيعاب، (١/ ٣٢٨) .
(٣) التفسير، (٤/ ٢١٩٦) . سيرة ابن هشام، (١/ ٤٦٦- ٤٦٧) (شرح الخشني، ٢/ ١٢٠) .
(٤) سيرة ابن هشام، (١/ ٤٦٦- ٤٦٧) ، (شرح الخشني، ٢/ ١٢٠) .

<<  <   >  >>