للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها الإسلام ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ودعوة الآخرين إليها «١» .

هكذا كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يرعى أصحابه، وهكذا أحبوه أكثر من أنفسهم، وهكذا يكتمل الإيمان «٢» . ونحن إن فاتنا مكانة الصحبة وشرفها فنجتمع وإياهم معه في الجنة- إن شاء الله سبحانه وتعالى وبفضله- وتحت لواء الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم ونسأله- وهو العلي القدير- صحبته في الآخرة في الجنة، كما كان الصحابة يسألونه ذلك.

إن نكن لم نر النبيّ فإنّا ... قد تبعنا سبيله إيمانا

والحق أن هذا أفق عجيب ونظر ثقيب وتعلق باهر ومستوى نادر وإيمان متنور وعقل متفكر. ويبدو أن عددا كبيرا من الصحابة- إن لم يكن كلهم- قد حضر عندهم هذا التصور، كما في القصة السابقة وقصص أخرى، منها ما يشير إلى أنهم لا يحتملون ولا يتصورون فراقه. ومن ذلك ما يروى أنه جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو محزون فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «يا فلان ما لي أراك محزونا؟» فقال: يا نبي الله شيء فكرت فيه. فقال: «ما هو؟» ، قال: نحن نغدو عليك ونروح، ننظر إلى وجهك ونجالسك، وغدا ترفع مع النبيين، فلا نصل إليك. فلم يرد عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم شيئا. فأتاه جبريل بهذه الآية الكريمة: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً [النساء: ٦٩- ٧٠] . فبعث النبي صلّى الله عليه وسلم فبشره «٣» .

وكلما ارتقى الصحابة الكرام أفقا جديدا، وجدوا سعة في حياة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم وآفاقا لا زالت بعيدة، وكانوا أكثر إدراكا لها وأحدّ نظرا وبعدا


(١) حياة الصحابة، (٢/ ٦٧٠- ٦٧١) . مرت القصة مفصلة.
(٢) سبق ذكره. التفسير، (٢/ ٦٩٩) .
(٣) سبق ذكره. التفسير (٢/ ٦٩٩) .

<<  <   >  >>