بها ونفهمها، وندلها بها في التطبيق والعمل. وهكذا نفهمه ونفهمها. بل ويمضي الفهم والتربية والعمل والتخلق والتطبيق والاستبدال، وتتعمق كل الأمور وتستغرق كافة الجوانب.
إن توالي الآيات الكريمة ينزّلها الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم صلّى الله عليه وسلم ذاكرا حقائق الأحداث وخوافيها، مما هو في ضمير الناس- مسلمين ومشركين- مما يجهله الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم نفسه، ولم يتنبه أو يراه أي أحد ذو صلة بالأمر، يظهر خفاياها وبواطنها وما غاب منها، بل وينبه لنتائجها استقبالا، ويبين حقائق الأشياء والأحداث والأحياء وطواياها ويوضحها.
فالقرآن الكريم يتنزل تشريعا وهداية وتربية، مثلما يبين حقائق الأحداث ومراميها، بدقائقها وحقائقها، مرئيّها ومخفيّها، واقعها ومستقبلها، مثلما ينبه إلى أبعادها ويشير إلى نواياها ومخططاتها، فيما لو حدثت. ويظهر نفوس أهليها وما انطوت عليه، وما تتولد منه، لو استمرت على منوالها، وذلك بالنسبة للمسلمين وغير المسلمين. ويظهر حقيقة الحادثة وظرفها وآثارها الدفينة، آنا ومستقبلا، في صيغة شاملة وصورة كاملة. يضعها أمام الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمسلمين ويبين دروبها في النفس والتواآتها وسيرها في منحنياتها، وما ترنو إليه وتطلبه وتريده وترغبه، وبيان الأطراف وما أضمرت والنفس وما نوت والحقيقة وما تثمر وأثمرات، مما قد لا يدركها صاحبها وتغيب عن طالبها، يجهلها كلّ أحد، حتى الذين عايشوها.
وهذا بجانب إخبار الغيب في الأمور ماضيا ومستقبلا، وما التبس أو غاب حاضرا، مبينا آثار ذلك في كلتا الحالتين، جهلا بها أو معرفة لها، والحث على بيان طريق علاجها والموقف المناسب لها ووضع قواعدها، ليكون كل ذلك عاما وشاملا لكل زمان ومكان، مثلما هو التشريع القرآني شامل للحياة لمن وجههم الله تعالى في زمانهم. آياته تترى على الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم، تربيهم على يديه وترفعهم إلى أعلى الآفاق أمام عينيه، ليبقى ذلك ملجأ لكل أحد ومطلبا لكل ساع في شرع الله في دربه الكريم.