للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم والرقي والتقنيات، بل يكون ذلك عندها أوضح تأكيد لحاجتها إليه.

وهي تجتذب دوما كلّ أحد. وفيها ما لا يملكه الإنسان ولا يعرفه ولا يصل إليه. إذ بها وحدها يستغني ويغتني ويستعلي عن كل ما عداها، ويستصغر ما سواها، معتزا فخورا مبرورا، مدركا للنعمة، ومقبلا عليها، وبه لا بغيره كانوا الأمة الخيّرة كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: ١١٠] .

يجد كل ذلك في الكتاب مسطورا، حفظه الله تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩] . مثلما حفظ السّنّة والسيرة. كما يجده في الحياة منظورا بصيغته العلمية والعملية، كاملة متكاملة شاملة، يقتدي بها وينسج على منوالها، في مجتمع أقامه الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم بهذا الدين العظيم، وهو الذي (كان خلقه القرآن) «١» .

جرى ذلك بوحي الله تعالى وأمره وفضله وقدرته وإرادته ورحمته، ممثّلا في ذلك الجيل المقتدي به والمهتدي بهديه. وقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ [الزمر: ٢٣] .

والرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم يقول: «أما بعد، فإنّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلّى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» «٢» .


(١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل (٧٤٦/ ١) . ونصّه: (فإن خلق نبي الله صلّى الله عليه وسلم كان القرآن) . ثم انظر البخاري: كتاب الأدب، باب: الكنية للصبي (رقم ٥٨٥٠) حيث روى أنس بن مالك قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا. ومثله في مسلم: كتاب الآداب، باب استحباب تحنيك المولود (٢١٥٠/ ٣) .
(٢) رواه البخاري (بأقل منه، وزيادة) : كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: الاقتداء بسنن رسول الله صلّى الله عليه وسلم (رقم: ٦٨٤٩) . جامع الأصول (١/ ٢٨٩) .

<<  <   >  >>