والمثال، في أي موضوع في دعوة ونبوّة ورسالة إلهية، هي خاتم النبوات، ودعوة هي أكرم الدعوات، ورسالة هي آخر الرسالات.
وما دامت هي كذلك، فلا بدّ أنها تحتوي على كل ما تحتاجه البشرية لسعادة الدّارين، في كل زمان ومكان. وتجد- بالأخذ بها- برد الظّلال النّديّة، تحميها من حر الهجير، وتلف الشرود، وتيه الانحراف. وتحسّ بالأنس إلى جوارها من موحشات الحياة، وتفرح بإنسانيتها، وتنجو بها من التشتّت والتّفتّت، وتسعد بورودها، وتنعم بحضارتها الفريدة، ملتصقة بها، محافظة عليها. وتلجأ إليها دوما، وتحيا بها دون تراخ أو انفكاك، وفيها تجد الحل الجميل الكريم كلما عنّت لها مشكلات، أو واجهتها صعوبات، لا تبحث في ذلك عن غيرها، ولا في إصلاح حالها من خارجها. وكذلك تحيا بها في كل أحوالها لتأخذ في طريق الحضارة الإنسانية الفاضلة الكريمة، ترتقي بها في سلّمها الكريم، وآفاقها الرحيبة الوضيئة والروحية المتكاملة القوية.
ولعلّ الأبيات الآتية تعتبر تعبيرا لهذا المعنى:
يا مسلمون ألا أقبلوا ... نحو الرسول وهلّلوا
فهتافه كلّ الورى ... درب الحقيقة ماثل
لتحكّموا شرع الهدى ... فالأرض منه تنهل
اسقوا العطاش مرامهم ... إذ هم بهذا يمتلوا
ولوحده ريّ النعيم ... وبغيره لا تأملوا
وإذا اكفهرّت غبرة ... واسودّ جوّ ممحل
وإذا اضمحلّت خضرة ... إذ زال عنها آمل
أو أقفرت من بلدة ... قد غاب عنها سائل
لا تبحثوا عن غيره ... كلا، عداه قوّل
وما دامت أيضا هي كذلك، فلا بدّ أن تكون من الشمول والاكتمال وعلو المثال ما يحقق كلّ ذلك بأفضل حال، في كل الأجيال، مهما بلغوا من