باب: ربط الأسير، رقم (١٧٦٤/ ٣) . وأبو داود، كتاب الجهاد، باب في الأسير يوثق، رقم (٢٦٧٩/ ٣) . زاد المعاد (٣/ ١١٠، ٢٧٧) . مغازي الذهبي، (٣٥٠- ٣٥١) . الاستيعاب (١/ ٢٠٣) . فقدم ثمامة إلى اليمامة، فحبس عنهم ما كان يردهم من الحنطة، وضاقت بهم الحال، فلم يجدوا من يلجؤون إليه في رفع هذا الحصار عنهم غير رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وإنه لأمر عجيب أن يلجؤوا إليه في ذلك وهم يحاربونه حربا طاحنة، لو استطاعوا قتله، وإبادة المسلمين، وإفناء الإسلام ما تأخروا. ولكنهم يعلمون خلق الرسول صلّى الله عليه وسلم الذي وصفه الله تعالى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: ٤] . وإنه لعجب جدّ شديد أنهم يعرفون ذلك ويحاربونه، وأن يستجيب صلّى الله عليه وسلّم لذلك، ويتمه، وينجزه، فأي أفق يرفع الإسلام إليه الإنسان، ويضعه فيه، ويحرّكه في مداره. وهكذا يربي الإسلام أتباعه، ويدعوهم إليه مقتدين برسول الله صلّى الله عليه وسلم (فكتبوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم: إنك تأمر بصلة الرّحم، وإن ثمامة حبس عنا الحمل. فكتب إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم فحمل إليهم) . الوافي بالوفيات، (١١/ ١٩) . زاد المعاد، (٣/ ٢٧٧) . «الحمل» : ثمر الشجر الناضج، جمعها: أحمال وحمول وحمال. ومنه: «هذا الحمال لا حمال خيبر» يعني: ثمر الجنة، وأنه لا ينفد، وشجرة حاملة. (القاموس المحيط، ١٢٧٦. تخريج الدلالات السمعية، ٧٣٩.) . وهذا جزء من شعر أحد المهاجرين تمثّل به الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم أثناء بناء مسجده بالمدينة بعد الهجرة إليها. هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبرّ- ربّنا- وأطهر أخرجه البخاري، رقم (٣٦٩٤/ ٣) . حياة الصحابة (١/ ٣٤٣) . السيرة النبوية، أبو شهبة، (٢/ ٣٠) . وكان ثمامة ممن ثبت حين الردّة عن الإسلام، وله مقام محمود في ذلك. وقد أغلظ لهم، وبرأ منهم، وقال مخاطبا زعيمهم: (ما قضيت حق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد) . ثم جمع بني حنيفة، وخاطبهم فقال: (يا بني حنيفة إني أرى فيكم بغيا ولجاجة والبغي هلاك واللجاج نكد ... ، وإنكم والله لو قاتلتم أمثالكم لما خفت أن يغلبوكم، ولكنكم تقاتلون النبوة بالكهانة، والقرآن بالشعر، والأنصار بالكفار، والمهاجرين بالأعراب، فلو كان لنادم إقالة أو لشاك بقاء، لم نكره أن تذوقوا عواقب ما أنتم فيه، ولكنه هلاك الأبد) . الوافي بالوفيات، (١١/ ١٩- ٢٠) . كذلك: الاستيعاب، (١/ ٢١٣) ، رقم (٢٧٨) . أسد الغابة، (١/ ٢٩٤) ، رقم (٦١٩) . فأعظمه القوم أن يجيبوه، وبقوا على حالهم ورجع ثمامة مغضبا وقال في ذلك شعرا متنوعا، ثم جمع أتباعه، وشارك المسلمين في دفع أهل الردة وقتالهم ومواجهتهم