معروفة ليس فيها مجهول، يعرفها قومه وأهل بلده، منذ صغره، وبتفاصيل كثيرة، بل وبكل تفاصيلها.
فهي واضحة مكشوفة مرئية بسهولة- ولذلك حكمة- وليس فحسب، كي لا يكون الرسول الخاتم والنبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم مجهولا، مما قد يثير شيئا من التّقوّل، وعلى غير أساس، لكنها بجانب ذلك كانت- بفضل الله تعالى ورعايته وتوجيهه- واضحة ملموسة، بطهارتها وصونها وتمايزها ومغايرتها لما ألف قومه، كي لا يكون فيها مجال للمتقولين، أو حجة للمتعللين، أو مدخل للطاعنين، بل تكون موضعا للمتيقنين، وهي دليل قوي بليغ مكين، مؤكد صدق نبوته. وهي أيضا أحد الأدلة، على أن يد الله كانت ترعاه، إعدادا لحمل هذه الرسالة الخاتمة إلى أهل الأرض أجمعين. وليس في عصره فحسب ولكن في كل العصور، إلى يوم الدين. فلا بد أن تكون كل هذه الأمور متوافرة متضافرة، بما يتناسب وهذه الرسالة الخاتمة الشاملة الكاملة، المتفردة الدائمة المهيمنة دوما.
بحيث تكون كل أدلتها واضحة ويجد الجميع في كل العصور الأدلة القوية على كل اعتبار وأي اتجاه، بحيث لا تبقى في أي مسألة حجة لمعتذر بلغته رسالته أن يمتنع من الالتحاق بها، ويجد لذلك عذرا. وهذا طبعا بجانب الإسلام نفسه، وحيث كانت السيرة واحدة من ثمراته الطيبة. وكل ما فيه- ابتداء من القرآن الكريم وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى حياته وسيرته وكل شمائله، كلها ليس فقط مجتمعه بل حتى كل واحدة بمفردها- تقود لذلك وتدل عليه بقوة ووضوح. والإسلام جاء بالأدلة المتنوعة العريضة تمتلك النفوس وتشملها، مهما كانت نوازعها ومنازعها.
وإن موقع مثل هذه الرسالة بحاجة إلى كل تلك العناية الإلهية، والله تعالى أحكم وأعلم وأكرم وأرحم. وهذا أمر امتازت به هذه الرسالة الإسلامية الربانية، حتى على غيرها من رسالات الله. وهي خاتمها ومهيمنة عليها وناسخة لها، تدعو كل أهل الأرض للإيمان بها، يؤمن بها كل أحد،