للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولربيعة بن كعب الأسلمي الأنصاري نفسه قصة أخرى توضح ذلك، وهي مثال له وشاهد، وتحمل معاني جمة كريمة عالية متنوعة. يقول ربيعة: كنت أخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «يا ربيعة ألا تزوّج؟» قلت: والله يا رسول الله ما أريد أن أتزوج، ما عندي ما يقيم المرأة، وما أحبّ أن يشغلني عنك شيء، فأعرض عني، فخدمته ما خدمته، ثم قال لي الثانية:

«يا ربيعة ألا تزوّج؟» فقلت: ما أريد أن أتزوج، ما عندي ما يقيم المرأة، وما أحب أن يشغلني عنك شيء. فأعرض عني، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: والله لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما يصلحني في الدنيا والآخرة أعلم مني، والله لئن قال: تزوّج لأقولنّ: نعم، يا رسول الله، مرني بما شئت. فقال:

«يا ربيعة ألا تزوّج؟» فقلت: بلى، مرني بما شئت، قال: «انطلق إلى آل فلان- حيّ من الأنصار، كان فيهم تراخ عن النبي صلّى الله عليه وسلم- فقل لهم: «إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أرسلني إليكم يأمركم أن تزوّجوني فلانة» ، لامرأة منهم.

فذهبت فقلت لهم: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أرسلني إليكم يأمركم أن تزوجوني فلانة، فقالوا: مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله صلّى الله عليه وسلم، والله لا يرجع رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا بحاجته، فزوجوني وألطفوني وما سألوني البيّنة.

فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حزينا فقال لي: «ما لك يا ربيعة؟» . فقلت:

يا رسول الله أتيت قوما كراما فزوجوني وأكرموني وألطفوني وما سألوني بيّنة، وليس عندي صداق. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يا بريدة الأسلمي، اجمعوا له وزن نواة من ذهب» ، قال: فجمعوا لي وزن نواة من ذهب، فأخذت ما جمعوا لي فأتيت به النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «اذهب بهذا إليهم فقل:

هذا صداقها» ، فأتيتهم فقلت: هذا صداقها، فرضوه وقبلوه، وقالوا:

كثير طيب. قال: ثم رجعت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم حزينا، فقال: «يا ربيعة ما لك حزين؟» فقلت: يا رسول الله ما رأيت قوما أكرم منهم، رضوا بما أتيتهم وأحسنوا، وقالوا: كثير طيب، وليس عندي ما أولم، قال: «يا بريدة اجمعوا له شاة» قال: فجمعوا لي كبشا عظيما سمينا، فقال لي رسول الله

<<  <   >  >>