للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه السيرة الشريفة التي عاشت الصورة القرآنية، وائتسى بها الصحابة الكرام خير ائتساء، فكانوا خير مؤتسين لأحسن أسوة، تبقى النموذج الأفضل والقدوة الأمثال لبني الإنسان، وخصوصا للمسلمين في كل وقت وحال. استمدت كلّ ما فيها من هذا الدين الذي أوحاه الله تعالى إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليكون المبلّغ بالنص، تشرحه السّنّة، وتمثيله بالسيرة.

وهذه السيرة الشريفة مليئة بالذخائر والكنوز واللآلئ والدرر، ولا بد من الغوص وراء أصدافها الحافظة لها، واستخراج دررها الفريدة من داخلها. عجائبها غزيرة، وعقودها باهرة، أتت بالعجائب والنجائب والمراتب في كل باب، وأنتجت الفتوحات متنوعات في كل درب، وقدمت الصيغ الإنسانية التي تربت على مائدة القرآن الكريم، في أحضانها وأجوائها في كل موقع وصوب وحدب، مقتدية في ذلك كله بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كيف وقد جاء للتطبيق العملي القائم في الحياة الواقعية والمجتمع، بلا تجاهل ولا تماهل ولا تساهل أبدا بحال؟!

ذلك لأنها مستمدّة وقائمة على القرآن الكريم. فهي عجب من عجائبه، ومعجزات من إعجازاته؛ التي لا تفنى ولا تنضب. ويبقى لكل زمان وأحد وجيل كذلك، ما ادّخره الله سبحانه وتعالى له برحمته.

ومن هنا فلا بدّ من منهجية جديدة مستقلة ومتساوقة ومتعانقة مع هذا التاريخ الإسلامي وبقيته وتوابعه، ابتداء من السيرة النبوية الشريفة، فهي تاجه الرفيع، وعزه المنيع، وقوامه البديع.

وقد احتوت السيرة الشريفة ذلك كلّه، ولذلك فكلما عاشها الإنسان، وعاشت به، عرفها أكثر، وأدركها أعمق، واقترب من مضامينها وأسرارها، وأحسن التعبير عنها وتمثّلها، بمقدار العيش فيها، قدرا ومقدارا وإصرارا.

وأحسّ- والحمد لله وبفضله- أنني كل يوم أتقدم وأتفهم وأتعلم

<<  <   >  >>