للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعدائها وأخذهم وخذلانهم بفضل الله تعالى في الدنيا، والخزي والندامة والعذاب يوم القيامة. وتلك سنة الله تعالى، أن ينصر المسلمين ويأخذ الكافرين أخذا قويا.

والإسلام دين الله الواحد الذي أرسل به أنبياءه- عليهم السلام- وكلفهم بحمله إلى البشرية. فهم ذلك الرهط الكريم رعاة الموكب الإيماني الرباني.

إذ الإسلام هو إسلام النفس والحياة والمجتمع كله لله تعالى ولأمره وشرعه.

وكان آخر قادة هذا الموكب الكريم وخاتم الرسالات هو محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله. وكل الأنبياء- عليهم السلام- وأتباعهم صفتهم الإسلام وهم المسلمون. وهو أمر ماض في الحياة ولا يكون إلا بدعوة الله تعالى، ودعوته لا تكون إلا إسلاما كليا لله تعالى ودعوته الكريمة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً [البقرة: ٢٠٨] «١» . فلا يقبل الله غيرها. وهو أمر دائم وقائم ودائر، مثلما كان قديما فهو كذلك حديثا، غابرا وحاضرا ماضيا ومستقبلا.

وهذا البيان القوي المعجز الذي جعل الله به هذا القرآن في أحواله وجوانبه ومحتوياته، كذلك في وضوحه وظهوره واستمراره، يواجه الله تعالى به العرب الذين هم أول من واجه الدعوة الإسلامية ونبيها محمدا صلّى الله عليه وسلم.

وهو بيان كذلك، كما في آيات كثيرة «٢» ، أنه الشرف وحده والرفعة هو منبعها والسيادة في الدنيا والسعادة في الآخرة.

لكنهم- يا للأسف والحسرة والغرابة- واجهوا الإسلام وحاربوه، وعملوا بكل ما لديهم من مال وجهد وخبرة في حربه. فالقرآن الكريم كتاب الله المبين، الذي أوحاه إلى مصطفاه صلّى الله عليه وسلم، عرض عليهم في سورة العنكبوت


(١) «السّلم» : الإسلام. والخطاب للمؤمنين جميعا بدين الله تعالى أن يعملوا بشرعه كله، دون استثناء، لا من الشرع ولا من المؤمنين.
(٢) اقرأ الآيات الكريمة في سورة الزخرف، (٤٤) . وسورة المؤمنون، (٧١) . وكذلك سورة الأنبياء، (١٠) . وانظر أعلاه، ص ١٠٧.

<<  <   >  >>