نفوس المسلمين- كثرة منهم- وخواء في أفعالهم وتمسكهم، وإلا فالمسلم يحيا بعقله وقلبه وعقيدته وعبادته وتصوره وسلوكه وكل حياته، مع القرآن الكريم، وهو بين يديه، ميسّر مفسّر واضح موضّح، ومع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسيرته الشريفة الواضحة، وسنّته العطرة مهيأة جاهزة مدروسة، وهو صلّى الله عليه وسلم مع علم المسلم القليل وصلته اليسيرة، حيّ في ضميره وقلبه، مثلما هو حيّ في سلوكه. وكيف لا يكون المسلم كذلك وحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دين، وطاعته عقيدة وعبادة: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: ٣١] .
لا نريد من مسلمة اليوم- في أي بقعة من بقاعهم- أن يكونوا آخر الركب إلماما والتحاقا بدعوة الإسلام؛ التي تتفتح أزاهير أتباعها في مواطن هي لها اليوم، أو محسوبة عليها، وفي مواطن أخرى جديدة كانت لها أو لم تكن ... إنه دين الله، ومال الإنسانية لا بد إليه.
كما لا نريد أن يكون إسلام مسلمة اليوم باهتا أو نائما أو غائبا، إذ سيوقفهم الله، ويسألهم عن كل ذلك، ويجزيهم بما يستحقون: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ [الصافات: ٢٤] .
ولا يصحّ أن يكتفي المسلم بإسلامه، اسما وموطنا وتأريخا، أو لا يكون ولاؤه الكامل له في كل الأمور، فهو يأخذ من هنا وهناك، في كل أحواله، أو لا يرتبط بالإسلام إلا في دوائر ضيقة، يمدّ يده إلى تيارات أخرى يعبّ من مجاريها.
فهو كمن يعاف الحلال الطيب في داره إلى جنبه، ليبحث على اللحم الحرام.
وكمن يملك خزائن المال الحلال، ثم يأكل السحت الحرام وبه يقتات، من أكله الربا وألوان المحرمات والمظالم والاحتيال «١» الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة: ٢٧٥] .