للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهذا الخبر، وحملاه إلى الملك باذان، ورأيا- وفد باذان- أن تنفيذ ما أراده كسرى أخرف من خرافة، أو خرافة الخرافة.

فعادا بهذا الخبر في رسالة حمّلهما إياها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهما ما يكادان يصدّقان، فأنهيا به إلى باذان الذي كان يتطلع إلى معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخباره، ويبحث صدق دعوته، فجاءه، وفاجأه الدليل.

يالله! إنها لمعجزة تدعوهم وأمثالهم ليعيدوا النظر في مواقفهم، لا سيما إذا سلمت الفطر- ولو بعض السلامة- من التهتك والتحطم والتلوث، بل لتزيل ما عليها من صدأ، تطرقها طرقا، تزيل عنها الصدأ، وتثيرها إثارة تبهرها، تحكها وتدفعها إلى الإدراك، تستدرك ما فات وتلتزم الطريق، طريق الله المنير وشرعه الجديد الفريد.

وبينما هم يتعجبون ويستنطقون، إذا ببريد فارس يأتي إلى باذان لينهي إليهم الخبر كاملا بمقتل كسرى أبرويز على يد ابنه، مثلما كان مدونا في رسالة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبنفس التحديدات التي فاه بها عليه الصلاة والسلام، فأسلم باذان والعديد ممن معه ومنهم أخته وأفراد كثيرون من أسرته.

وهكذا إذا ظنّ الضالون والظالمون والطغاة والعتاة والمتألهون والجبابرة المنكرون أنهم قادرون على دين الله وجند الله، يأتيهم أمر الله وقضاؤه من حيث لا يحتسبون ولا يظنون، ويأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فلا يفلت أحد من قبضته، وهو مصير الطغاة في كل حين. فليحتفظ وليتيقظ كل أحد، وطريق التوبة مفتوح لمن أراد.

فليكن الاحتفال بمولد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم احتفال النفوس باستقبال حياة جديدة والسير على طريق الإسلام، حثيثا قويا ملتزما واعيا متفهما جريئا مصمما شجاعا باذلا، متمثلا لشرع الله وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [يونس: ٢٥] .


النبوية، أبو شهبة (٢/ ٣٦٠- ٣٦١) .

<<  <   >  >>