أحلَّته بالأمس, وتحرم في غدٍ ما أحلته اليوم؛ لأنها من صنع البشر, بخلاف السيادة الشرعية فهي ثابتة أبدًا لا يمكن أن يطرأ عليها قبول التغيير والتبديل؛ لأنها صادرة عن علَّام الغيوب, وقائمة على أساس التدين الذي هو أساس كل المعاملات العادلة, بينما هو في منهج الجاهلية الغربية لا وجود له؛ لأنهم استبدلوا به ما أملته أهواءهم ونظرياتهم, وما قرروه لأنفسهم بدلًا عن أخذه عن الإله الحقِّ الذي أبعدوا أنفسهم عنه وهم لا يخرجون عن قبضته وقهره١.
وخلاصة ما سبق عن مذهب السيادة هو الاعتقاد أن مصدر السيادة أو صاحب السيادة في الإسلام هو شرع الله تعالى، والله تعالى هو الحق وله الأمر وله الحكم, لا يشاركه أحد في الخلق والإيجاد, فكذلك لا يشاركه أحد في السيادة والحكم والتشريع, وأَوْكَلَ الله إلى العلماء الاجتهاد فيما يقبل الاجتهاد على ضوء الكتاب والسنة لا أنه تشريع جديد، أمَّا في المفهوم الغربيّ فإن السيادة ليست لله تعالى, وإنما هي لأفراد من الناس أو لعامَّة الشعب, ثم أضفوا عليها نفس الصفات التي يقولها المؤمنون عن الله تعالى, فصارت في مفاهيمهم بديلًا عن الله تعالى وشرعه وهي أحقر من ذلك, كما اتضح لك مما سبق, كذلك ما يتعلق بقضية الثبات والتغير, فإن الأنظمة الوضعية عمومًا قابلة وبسرعة للتغيير والتبديل؛ لأن من يملك الإنشاء يملك التغيير والإلغاء, وما هو حاصل في البلاد التي جعلت السيادة لغير
١ انظر كتاب "نظرية السيادة وأثرها على شرعية الأنظمة الوضعية"، تأليف د. صلاح الصاوي.