للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواقع:

أن هذه العبارات عند المتعمقين في تطبيق السيادة الوضعية البشرية إنما تكتب من باب ذر الرماد في العيون, أو لأنَّ أكثرية الشعب مسلمون, والدليل على ذلك أنهم لا يجيزون الحكم في أي قضية إلّا بما قررته قوانينهم البشرية, وأن من خالفها يكون قد ارتكب جرمًا وخيانة, ويحاكم في كل قضية لهم فيها قانون, وعلى المحاكم التي تسمَّى "محاكم شرعية" أن تنفذ أحكام القوانين بغض النظر عن موافقتها للشريعة الإلهية, أو مخالفتها بزعم أن تلك القوانين هي التي تكفل أمن وحقوق الشعب وسعادته, فأين صدق تلك العبارات التي يخدعون بها شعوبهم, وأين هم من قول الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ١.

بل لم يقف الأمر عند بعضهم إلى حد العدول عن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية واستبدالها بالقوانين الوضعية, لم يقف الأمر عند هذا, بل أخذوا ينتقدون الأحكام الشرعية, إمَّا بلسان الحال أو بلسان المقال, مع أنه لم يجربوا تنفيذ أحكام الإسلام, بل لم يعرفوها حق المعرفة, فصار حال أحكام الإسلام عند هؤلاء كحال الذي قيل فيه:

ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء

وقد قتل عمر -رضي الله عنه- ذلك المنافق الذي أبى أن يتحاكم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-

<<  <   >  >>