للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجاله، واتجهوا إلى عقولهم، وإلى نبش شتَّى الفلسفات القديمة لبناء مذهبهم اللاديني الجديد، وتبنَّوا كل فكر إلّا فكرًا يتصل بالدين وأهله.

وإذا طلبت كلمة الإنصاف, فإن الجواب أنَّ كل ما فعله المفكِّرون من محاربة الدين ومن يمثله قد يكون أمرًا منطقيًّا تمامًا, ولهم حجتهم فيما فعلوه تجاه الدين القائم على رءوسهم؛ لأنه دين باطل، ومن يمثلونه كانوا يمثلون الطغيان بكل معانيه، ولكنهم أقاموا باطلًا على أنقاض باطل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنهم لا يخرجون عن المسئولية تمامًا؛ لأنه كان يجب عليهم أن يبحثوا عن الدين السليم الذي يتفق مع فطرهم وعقولهم، وسيجدونه في متناول أيديهم، وسيجدون أنه الدين الذي يريحهم من ظلم وخرافات النصرانية البولسية المحرَّفة وطغاتها، ويتفق مع العقول، ويحثَّهم على إكمال مخترعاتهم, ويبارك جهودهم.

إنه الدين الإسلامي الذي يحارب الظلم والخرافات, وينير الطريق لأتباعه ويسعدهم في الدنيا والآخرة, ويحثهم على العلم والتعلم واحترام العلماء وتجاربهم، ولو اتجه العلمانيون إليه لكانوا في راحة وسعادة بدلًا عن الشقاء الجديد الذي انتقلوا إليه، والذي تمثَّل في ظلم وطغيان الشيوعية والرأسمالية, وخدع الديمقراطية والعنصريات القومية والوطنية, وغيرها من المذاهب التي تخبَّط العلمانيون في ظلماتها، ولا يزالون, لبعدهم عن الطريق الصحيح الذي كان يجب عليهم أن يسلكوه؛ إذ أن الظلم لا يرتفع بالظلم، والجهل لا يرتفع بالجهل، فكان انقلابهم من قبضة رجال الدين

<<  <   >  >>