ومن المدهش حقًّا أن يتبارى دعاة الإنسانية في تقديمها في الوقت الذي يتفنَّون فيه في سفك دماء الإنسانية وامتصاص خيراتهم,/ والتخويف والتجويع وافتعال الأزمات, ووصف كل من يخالفهم بأنه إرهابي ومتخلف وعدو للحضارة ... إلى آخر أوصافهم, وتشجيع كل فريق على الفتك بالآخر في مؤامرات وخطط جهنَّمية لا تفعلها الوحوش الكاسرة.
ولعل ذلك يعود إلى لطف الله بالبشر؛ ليعود إليه -عز وجل- حينما يرون ما يفعله الجهل بأهله، قال تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} ١، كما أنَّ الشَّرَه قد وصل بأولئك إلى حَدِّ انتزاع الرحمة من قلوبهم حينما يؤججون نار الفتن لتنشب الحروب ليربحوا من ورائها بيع الأسلحة الفتَّاكة التي ملئت بها مخازنهم, ولتجربتها فوق رءوس المخالفين لهم, وبالتالي فإنهم يرمون عصفورين بحجر, وأين غاب دعاة الإنسانية والرحمة بالإنسان في الوقت الذي تسفك فيه دماء المسلمين, وتنتهك أعراضهم, وتؤخذ أموالهم في أكثر الأقطار الإسلامية, والبوسنة والهرسك وكشمير والفلبين, بل وفلسطين, والآن العراق أكبر شاهد على كذب دعاة الإنسانية, وأين دعوى الإنسانية في الوقت الذي يعامل فيه الغرب الكلب أحسن من معاملة الإنسان, وقد سمعت من إذاعة لندن أن كلبًا في هندوراس وصل إلى رتبة وزير أمن, فاتضح أن دعوى الإنسانية