للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنما يراد بها هدم الأديان واستعمار البلدان ونشر الضلال وإعلاء رايات المساونية, وكم في السجون من البائسين المظلومين تتناساهم تقارير دعاة الرحمة والإنسانية كما يسمون أنفسهم, لا لشيء إلّا لأن هؤلاء البائسين يتمسَّكون بدينهم الإسلامي, أو لم يباركوا ظلم الطغاة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد, بل إن الظالمين يصرخون بعزمهم على إذلال المسلمين وتقطيع أوصالهم, ويتبعون القول بالعمل دون أن يوجّه الإنسانيون كلمة رحمة أو عتاب من أجلهم، بينما أي حركة يتحركها المسلم ولو دفاعًا عن نفسه فإنه يوصف فورًا بالإرهابي والمشاغب والمتشدد, وغير ذلك من الألقاب الجاهزة التي يضعونها على من يشاءون في أية لحظة.

وتحت هذا البنز يقع للإنسان من التعذيب والتخويف ما تتنزه عن فعله الحيوانات المفترسة في الغابات, فأين دعاة الإنسانية من النصارى -وهم الأغلبية, وغيرهم من سائر من يتشدق بهذا الاسم, ويزعم أنه سيحقق السعادة للبشرية, وأن الإنسانية في زعمهم ستكون عليهم بردًا وسلامًا حينما تقصى الأديان, وفي أولها الدين الصحيح الذي لا يقبل الله غيره, وهو الدين الإسلامي الذي قرَّر الرحمة في أكمل صورها, دعا إليها دون خداعٍ أو نفاق منذ مئات السنين, حين دعى إلى المحبة والتعاون ونبذ كل شعارات الجاهلية وخرافاتها, وأن يكون البشر كالجسد الواحد عقيدةً وحبًّا وصفاءً, ولهذا فإن دعاة الإنسانية إنما هم صدًى لتلك التعاليم الإسلامية المشرقة, وإن كانوا لا يطبقونها على حقيقتها التي جاء بها الإسلام, بل ولا يعترفون له بفضل السبق إليها, سواء كان ذلك تجاه

<<  <   >  >>