للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي أيدي غير المؤمنين بالله تعالى, وما أصاب قلوب ضعفاء الإيمان من انبهار تامّ برونق تلك الحضارة الزائفة الزائلة التي أخبر الله عنها بقوله: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} ١، وانساق المنهزمون المغرمون بتلك الحضارة إلى التصديق بأن لا وجود لأيّ مدبر للعالم غير العالم نفسه, خصوصًا وأن المغلوب دائمًا يقلد الغالب, ويحب أن يتظاهر بصفاته ليجبر النقص الذي يحس به أمامه. وكان الأحرى بهؤلاء المنهزمين أن يعتزوا بدينهم ويضاعفوا الجهد والعمل ليستغنوا عن منَّة الملاحدة عليهم, وحينما رأوا ما هم عليه من الضعف والاستخذاء أمام ما تنتجه المصانع الكافرة ألقوا بالوم على الإسلام, فعل العاجز المنقطع أو الغريق الذي يمسك بكل حبل, وجهلوا أو تجاهلوا أن الإسلام يأمر بالقوة والعمل بما لا يدانيه أي فكر أو مذهب, والآيات في كتاب الله تعالى, والأحاديث في سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على هذا أشهر من أن تذكر.

وعلى كل حال فقد ظهر الإلحاد بشكله الجديد المدروس المنظَّم كبديل لكل الأديان, وزعماؤه هم البديل الجديد عن الأنبياء والرسل, والمتمسكون بالإلحاد هم المتطورون المتقدمون, والتاركين له هم الرجعيون المتخلفون, وللباطل صولة ثم يضمحل, فبعد تلك السنوات العجاف التي قوي فيها شأن الإلحاد والملحدين ظهرت الحقيقة للعيان, وإذا بالإلحاد والملحدين وما هم إلّا سماسرة اليهودية العالمية, وأنهم يهدفون إلى استحمار العالم ومحو أخلاق الجوييم وتحطيم حضاراتهم وإبطال دياناتهم, وكشأن كل


١ سورة الروم، الآية: ٧.

<<  <   >  >>