لنظريتهم الملحدة, فحجبت تلك المفاهيم -الخاطئة للشيوعية والنصرانية- العقل عن التعلق بموجد لهذا الكون، وأنَّ مجرد التفكير فيه يعد رجعية, ولهذا -كما سمعنا- أن الروس قتلوا العائدين من سطح القمر في أول رحلة فضائية؛ لأنهم أيقنوا أن لهذا الكون موجدًا, وما إن أطلَّ القرن التاسع عشر الميلادي إلّا وقد ظهر قرن الشيطان وساد القول بسيادة الطبيعة على الدين والعقل, فهي الحاكم المطلق والإله الذي لا ينازع, وقد تولى كبرها "أوجست كونت"، ,"فرباخ"، و"ماركس"، و"انجلا" بدافع قوي من الحقد الشديد على رجال الدين الكنسيّ الذي يمثّل حسب تعليلهم قوة ما وراء الطبيعة من الأمور المغيبة والروحية التي اعتبروها وهمًا وخداعًا لا حقيقة له, لعدم اندراجها تحت قوة الإحساس والإدراك المباشر, وأن الالتجاء إلى ذلك الغيب إنما نتج عن الوراثة والبيئة والحياة الاجتماعية في تلك الأزمان المختلفة بزعم دعاة الإلحاد.
ولقد ظلت الشيوعية قرابة سبعين عامًا في صولة وجولة قوية مزبدة, يحسب لها حسابها, إلى أن أذن الله بزوال قواتها بقدرته وحده؛ أذ ما كان أحد يفكر في النيل منها، فإذا بها يأتيها حتفها بظلفها على يد آخر زعيم لما كان يسمَّى بالاتحاد السوفيتي, وهو "ميخائيل جورباتششوف", وأفل نجمها وجبروتها, وثارت الشعوب واقتصوا من كل الظالمين.
والآن, وبعد أن تبيِّنَ المصير النهائي للماركسية الشيوعية أقول: إنه من الغريب جدًّا أن تموت الشيوعية في عقر دارها -الاتحاد السوفيتي سابقًا, وأن تكتشف الشعوب أن هذا المذهب فاشل باطل لا يجر إلى خير،