للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتطلبها فطرة الإنسان وما جبلت عليه من حب الهدوء والألفة وبناء الحياة والأنس بالآخرين, وحب التكامل, وحب تربية الأطفال, التي لا يمكن أن تتكامل تكاملًا صحيحًا جسديًّا وعقليًّا في غياب الأمهات عن أولادهن, وترك الأولاد للمحاضن الجماعية التي هي أشبه ما تكون بتربية قطعان الحيوانات دون شعور بالحب والعطف, والراحة النفسية التي يجدها الطفل في حضن أمه.

وما تقدَّم إنما هو إشارة إلى أن تكوين الأسرة لم يكن ناتجًا عن النظرة الاقتصادية فقط -كما زعم الملاحدة, بل لأسباب نفسية كثيرة أرادها الله -عز وجل, وفطر النفوس عليها, ومن شذَّ عن هذا السلوك فهو شاذ, ولهذا لا يشعر الإنسان بتلك السكينة والطمأنينة التي يجدها في بيته وبين أطفاله مهما وجد من المتع الجنسية عن طريق الحرام, ومهما ملك من الأموال, كما أنه لن يجد حلاوة ذلك التنظيم الإلهي لتكوين الأسرة وتكافلها فيما بينها, وقيام الرجل بواجباته خارج البيت, وقيام المرأة بواجباتها داخل البيت, وتصريف الأولاد في الأمور التي يطيقونها, وما ينشأ عن ذلك من الهدوء والسكينة والتعاون الذي حُرِمَ منه أولئك المعاندون للفطرة وللعقل ولأحكام الله -عز وجل.

لقد نسي أولئك الملاحدة أو تناسوا عمدًا أنَّ الذين أقبلوا على الفوضى الجنسية وقطع العلاقات الأسرية, نسوا أن هؤلاء يعيشون عيشة ملؤها القلق والاضطراب والأمراض العصبية, مع توفر كل ما يطلبونه من المتع الجنسية ومن المال أيضًا, وإلّا لماذا يبادر أولئك إلى الانتحار المتتابع -وما أكثره في أوروبا- بين الرجال والنساء والأحداث, وما أكثر ما يتأوه عقلاؤهم من أوضاعهم التي تزداد سواء كلما ازداد تفكك الأسرة وفشت الجرائم تحت تسمياتهم الخادعة "حرية، مساواة، ديمقراطية ... إلخ", ما خدعوا به

<<  <   >  >>