الناس, وأخرجوهم عن فطرهم التي فطرهم الله عليها, إلى الشقاء وتأنيب الضمير.
ومثل ذلك التفسير السخيف بقيام الأسر تجده تمامًا في تفسيرهم للحفاظ على الأمور الجنسية والقيم والعادات المتعلقة بذلك من العفة وغض النظر وحفظ الفرج بأنها عقبات, وأن السبب في كل هذه العقبات أمام شيوعية الجنس إنما يعود إلى المجتمع الزراعي؛ حيث إن الرجل يغار على زوجته وابنته بدافع سيطرته وامتلاكه لأمور البيت الاقتصادية, فهو المكتسب وهو الذي يتعامل مع الحياة كلها في خارج البيت, بينما تكون المرأة حبيسة البيت, ليس بيدها أيّ مصدر إلّا عن طريق الرجل, وهنا فرض الرجل على المرأة العفَّة قبل الزواج وبعده, وأن تكون له وحده حين يتزوج بها, ومن هنا أصبحت العفة فضيلة خلقية واجتماعية مهمَّة في مثل هذه المجتمعات، ولكن حينما ظهر المجتمع الصناعي لم يعد الرجل يفرض على المرأة تلك العادات والأخلاق الجنسية بسبب انقلاب الأمور الاقتصادية؛ حيث دخلت المرأة ميدان التكسُّب والعمل والوظيفة, وصارت تملك المال الذي حرَّرها من قبضة الرجل, فلم يعد يملك مطالبتها بالعفَّة لا قبل الزواج ولا بعده, ولا أن يطالبها بأن تكون له وحده, فهي زميلة في العمل, وقد تملك من المال أكثر مما يملك, ولها حق التصرف بحرية تامة في مالها وفي نفسها دون أيّ اكتراث بالعفة أو الفضيلة, فقد تحرَّرت في المجتمع الصناعي لتغير الأحوال الاقتصادية, فلم تعد كما كانت في المجتمع الزراعي عالة على الرجل في كل شيء, وبهذا التفسير الإلحادي الشيوعي لا يبقى مجال للقول بأن العفة والأخلاق نشئت عن أمر إلهي أو ديني, بل عن أمر اقتصادي, والقارئ يدرك