للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تولّد عن شبهه, فلا يصح أن يقال: إن القرد تولّد عن الإنسان, أو الإنسان تولّد عن القرد, لما بينهما من تشابه, لا يمكن هذا إلّا في نظرية "دارون" وقد عرفت سخافتها، بل إن العلم والدين كليهما يثبتان أن التشابه بين الكائنات الحية مع بعضها البعض, أو مع بعضها وأخرى ليست من جنسها, إنما هو دليل قاطع على أن مصدر الإيجاد واحد وهو الله تعالى, ولو أن الكائنات كلها تولد بعضها عن بعض لما كان هناك فرق في مفاهيم العقلاء بين أن تقول لإنسان: أنت قرد أو كلب أو شجرة, وبين أن تقول له: أنت إنسان أو قمر أو وردة؛ لحصول التولّد الذي زعمه الملاحدة بنظرياتهم السخيفة, إذا ما دامت الكائنات كلها تولّدت عن بعضها البعض فلا يبقى بينهم أيّ فارق حقيقي.

وأما وجود القدرة للكائنات الحية على التكيف مع الظروف التي تحيط بها, فإن العلم والدين يثبتان ذلك ويرجعان السبب إلى قوة مدبرة رحيمة هي قوة الله تعالى وقدرته ورحمته, فإن تلك القدرة على التكيف إنما هي رحمة من الله تعالى لبقاء ذلك الكائن حينًا منتفعًا بذلك التكيف على مقاومة انقراضه إلى الوقت الذي يشاء له موجد تلك القدرة, فأي دليل للملاحدة في هذا على عدم وجود الله تعالى الخالق لهذه الكائنات, والموجد لها هذه القدرة على التكيف في معيشتها {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} ١.


١ سورة الحج، الآية: ٤٦.

<<  <   >  >>