للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- قانون العلة أو المعلول أو التفسير الميكانيكي للكون:

من المسلَّم به عند العقلاء وكل المؤمنين بالله تعالى, أن الله تعالى يوجد الأشياء عند وجود أسبابها في أغلب الأمور, إلّا إذا أراد عدم وجود تلك الأسباب, وحينما اكتشف علماء القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر أنَّ الكون يسيره قانون العلة والمعلول طار الفرح بمفكري الملاحدة, وظنوا أنهم وجدوا ضالَّتهم المنشودة في التدليل على عدم وجود الله تعالى؛ لأن كل الأشياء ناتجة عن علة ومعلول, فلا ضرورة حينئذ إلى القول بوجود إله موجد؛ لأن جميع ما يجري في هذا الكون إنما يحدث بسبب علل مادية دون تدخل خارجي, غير وجود العلة والمعلول التي تغني عن القول بوجود الله -عز وجل, وهو ما يسميه بعض الباحثين "التفسير الميكانيكي للكون", ومن الطريف أن العلماء الذين اكتشفوا هذا القانون لم يزعموا أنه بديل عن الله تعالى, بل صرحوا بأنه سنة الله في الخلق أن يجري الأمور بواسطة أسباب وعلل, فقد قال "نيوتن": "هذا هو أسلوب الله في العلم, فالله يجري مشيئته في الكون بواسطة أسباب وعلل"١.

ولكن الملاحدة وهم في نشوة فرحهم ببناء مذهبهم الإلحادي جعلوا هذا ضمن أدلتهم على تقوية إلحادهم ونظريتهم إلى الدين بعين البغضاء وأنه بزعمهم ينافي العلم، وأنَّى لهم أن يكون هذا الاكتشاف دليلًا على عدم وجود الإله الخالق الذي قدّر الأسباب وضرب الآجال وفق سننه في هذه الكون, التي هي أجلى من الشمس لولا عناد الملاحدة واستكبارهم, وقد


١ الدين في مواجهة العلم ص٤٢.

<<  <   >  >>