للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع أن ما أقدمت عليه الشيوعية في الأحوال الاقتصادية ليس فيه أي دواء، بل هو الداء بعينه, وهو الذل وهو خنق الحريات، فالسجون مملوءة, والجواسيس منتشرون, والمجاعة فاشية، إنه سجن كبير, وقبضة حديدية, فالشعوب غاضبة, ولكن الويل لمن تفوّه بكملة نقد، وأين هذا السلوك من حرية الإسلام التي "كان الرجل يقول لمعاوية": "والله لتستقيمنَّ بنا يا معاوية أو لنقومنَّك, فيقول: بماذا؟ فيقولون: بالخُشُب١, فيقول: إذًا أستقيم"٢.

فأي طاغوت من طواغيت الحكم في النظم الجاهلية يتحمَّل ما هو أدنى من هذا الكلام؟

وما زعموه من أن الطبقات القوية هي التي تحكم وتشرِّع لبقية الطبقات وتستعبدها، هذا صحيح ولكنه لا يوجد إلّا في النظم الجاهلية الذين يتخذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله, والذين يصبح الظلم عندهم من شيم النفوس، فإن وجد ذا عفَّة لفعله لا يظلم, كما عبَّر عن ذلك أحد الشعراء الجاهليين قديمًا, ولكن هل هذه هي الحقيقة التي لا بُدَّ منها, أو الخيار الذي لا آخر سواه؟ كلَّا. بل هناك عقيدة فيها الحل الصحيح دون المرور بتلك الطرق الظالمة المظلمة, إنها العقيدة الإسلامية التي تجعل صاحب المال والفقير أخوة متساوين متضامنين لله رب الجميع وحكمه ينفذ في الجميع، لا فضل لأحد على آخر إلّا بالتقوى، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وليس هناك طبقات هم السادة الحاكمون


١ الخشب "بضم الخاء": هو السيف الصقيل.
٢ "سير أعلام النبلاء" ج٣، ص١٥٤.
يعزوه إلى ابن عساكر ١٦/ ٣٦٨/ ب.

<<  <   >  >>