المالكون وطبقاتهم العبيد المستذلون إلّا في النظم الجاهلية التي لا تقيم للإنسان وزنًا إلّا من خلال ما يملك من المال والجاه, فيبدو المال بهذه الصورة هو السبب في الظلم والطغيان, بينما الواقع الصحيح هو خلاف ذلك, فإن المال والملكية الفردية من الظلم أن يحمَّلا طغيان المنحرفين {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} .
إن الذي يطغيه المال والملكية الفردية هو شخص منحرف في الأساس فاسد الطباع, سواء كان له مال أو لم يكن له مال, ذلك أن المستقيم على الحق القائم بأمر الله لا يطغيه المال, وإنما يستعمله في أعمال الخير ووجوه البر المختلفة مراقبًا فيه ربه, متيقنًا أن المال ظِلٌّ زائل, وعارية مسترَدَّة, وأن الدنيا شِدَّة بعد رخاء, ورخاء بعد شدة.
أما مفهوم المساواة في الأجور في النظام الشيوعي الذي زعمت الماركسية أنه مكفول للجميع, فقد حملهم على القول به ما زعموه من أنّ البشرية كانوا في أصل نشأتهم يعيشون عليه متساوين كلهم في الحقوق بلا ملكية فردية, الكل للجميع في المأكل والملبس والمسكن والنساء, لا فرق بين شخص وآخر، حتى جاءت الرأسمالية والملكية الفردية فقلبت تلك الأوضاع التي تريد الشيوعية إرجاعهم إليها مرة أخرى، وهذا لا يتحقَّق إلّا بوضع الدولة يدها على كل وسائل الإنتاج والعمل, ومن ثَمَّ يأخذ كل شخص ما يستحقّه من قِبَلِ الدولة، وهذه الدعاية جذَّابة في ظاهرها، ولكن هل تحقَّقت فعلًا في النظام الشيوعي, فأعادت إليهم سعادتهم التي كانت في الشيوعية الأولى بزعمهم؟ وهل ساوت بين العمال فعلًا؟ فلم يعد هناك تمايز بين شخص وآخر, وحاكم ومحكوم؟!!