الاكتشافات لتبرهن هي الأخرى على بطلان تلك المفاهيم، سواء ما يتعلق منها بحقِّ الله تعالى, أو بقوانين الحياة والتعليل لوجودها.
ولا شكَّ أن القارئ يدرك كما ذكرنا سابقًا أنَّ كل ذلك الهرب عن الدين, ومطالبة الناس بإقصائه عن حياتهم, وعن كل شئونهم, لا شكَّ أن ذلك كان وراءه ما يبرره في الدين النصراني المحرَّف الذي قام على أكتاف ملاحِدة من المجوس, وغلاة اليهود, وعباقرة الوثنية, وفلسفات كبار أذكياء الحضارة اليونانية على يد بولس وغيره ممن جاء بعده، وكذلك لم يوجد في مقابل هذا السيل الجارف ما يردّه أو يقلِّل من حدَّته، وأقصد بهذا المقابل أنه لم يوجد -كما أتصور- من علماء المسلمين, ولا من علماء النصارى, من نشط في وقته لإنقاذ الأمم النصرانية من هذا المصير المظلم, والهوة السحيقة التي تردَّوْا فيها بسبب تراكم الجهل, وعدم إيصال نور الإسلام إليهم بطريقة واضحة صحيحة، وكذلك لوجود الإفلاس التامِّ عند علماء النصارى، كما أنَّ علمهم الذي أخبر الله عنه أنهم يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا، حيث مكَّنهم الله من معرفته, كان هو الآخر من معاول الهدم في أوربَّا بما سبَّبه من كبرياء وغرور في أوربا, أبعدهم عن الرجوع إلى أيِّ حق، فأصمَّهم وأعمى أبصارهم، وما أنين الشرق والغرب من الأسلحة الفتَّاكة التي نشأت على كاهل العلم إلّا دليل على أنَّ علمهم لم يأت بإسعاد البشرية كما كانوا يتوقعون، هكذا قامت معارك طاحنة بين العلمانية والتعليم الديني، فقد وقفت العلمانية ضده أحيانًا مجابهة، وأحيانًا أخرى بدراسة الدين عند التلاميذ وربطه بالفكر العلماني في مختلف المراحل الدراسية، وذلك عن طريق