على شفا جرف, وما أكثر الشواهد على هذا الاختلاف في النظم البشرية وفرق شاسع بين اقتصاد يعتبر من جملة العبادات حينما يراد به وجه الله, وبين اقتصاد يقوم على جشع لا حدود له, أو اقتصاد مكبَّل لا يجد النور إليه سبيلًا, كما أن الإسلام يعتبر العمل والكسب الحلال والابتعاد عن الظلم والصدق وعدم الغش.. إلخ. يعتبر الإسلام ذلك كله عبادة يتقرَّب بها الشخص لخالقه إذا صاحبت ذلك النية الصادقة ومراقبة الله تعالى, وهذه المزية في الاقتصاد لا توجد في أيّ نظام غير الإسلام, فإن كل الأنظمة الوضعية إنما تهدف إلى جمع الثروة بأيّ طريق, والغاية تبرر الوسيلة فيها, ولا مكان للقيم والأخلاق والرحمة بالآخرين, ولا مراعاة لأحوال البؤساء؛ إذ لا يوجد في الأنظمة الوضعية أيّ داعٍ يحثّ على ذلك ويذكر به, فضلًا عن الإشارة إلى الثواب عليه في الدنيا أو في الأخرة عندما ينادون به من الإنسانية, وهي كلمة لا توحي بما يرغب عند الله, كما أن المراقبة القانونية هي الأخرى أصبحت تابعة لمصالح القائمين عليها والمنتفعين بها, فالرشوة والتحايل للتفلُّت من عقاب القوانين البشرية التي وضعوها لحماية الاقتصاد بزعمهم, أصبحت هي الأخرى ألعوبة في أيدي تلك النخبة التي تعرف من أين تؤكل الكتف، ففقد النظام الاقتصادي كل المكونات لحمايته وسيره سيرًا حسنًا, فلا وازع من قانون قادر على التصدي للخلل فيه, ولا وازع ديني يراقب فيه الشخص مولاه ووقوفه بين يديه -عز وجل, وهي المزية التي يمتاز بها المسلم في تعامله الاقتصادي حين يراقب الله تعالى كأنه يراه, فلا يستحلّ من المال إلّا ما أباحه الله له, سواء فطن المتعامل معه إلى ذلك أو لم يفطن, وهذا توجيه إسلامي مشرق على أن