وغير ذلك من النصوص الكثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في توجيه أنظار المسلمين إلى الرحمة وعطف بعضهم على بعض, واحتساب الأجر والثواب, وتحريم غشهم, أو احتكار الخير عنهم, أو أذيتهم بأي نوع من الأذى, وهو توجيهات لو سار عليها المسلمون لأصبحوا كما كانوا في عهودهم الأولى؛ حيث كان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يأخذها منه.
ومن المعلوم عقلًا أن سعادة المسلمين في عصورهم الأولى إنما كانت بفضل تعاليم الإسلامية الإلهية, ثم بتطبيقهم لها؛ حيث أصبحوا كالجسد الوحد وكالبنيان المرصوص يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة, فإنه لا يمكن أن تقوم قائمة لأي نظام لم ينجح في الحلول العادلة بين أفراده، كما أنه لا يمكن أن تستقرَّ أوضاع أيّ مجتمع لا يحس بالطمأنينة على مستقبل حياته دون أن يلمس الضمانات الوافية بذلك.
ولهذا بقي الإسلام حيًّا في قلوب أبنائه على مرِّ الدهور والعصور؛ لشموله لكل أنواع التكافل في جميع نواحي التشريع, سواء ما يتعلق بحق الفرد أو حق الجماعة أو حق الدولة دون محاباة لأحد.
إن الإسلام دين يهتم بأمور الدنيا كما يهتم بأمور الآخرة, فهو لا ينحصر فقط في داخل المسجد كما يزعم العلمانيون وسائر أعداء الإسلام الذين يصورونه أنه دين جامد ومثبط عن العمل ويدعو إلى الكسل, وأن نظامه ليس شاملًا كالقوانين الوضعية التي يمجدونها, ويدعون إلى تقديمها على النظام الإلهي {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} ١, {الْيَوْمَ