للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعمال الحركية أبطأ من الراشدين الصغار فحسب، ولكن أيضًا إذا كانت تعليمات المهمة توجه المفحوصين إلى العمل ببطء, فإنهم يعملون ببطءٍ أشد من الذين هم أصغر سنًّا.

ومن الدراسات الكلاسيكية حول علاقة الأداء الحركي بالعمر, تلك التي قام بها "Miles, ١٩٣١", فقد حصل على الأداء الحركي لعينةٍ تتألف من ٢٣١ من الذكور تمتد أعمارهم بين ٦-٩٥ عامًا, في ستة أعمال حركية مختلفة, تقيس السرعة اليدوية وزمن الرجع, وتؤكِّد نتائج هذا البحث ظهور التدهور في السرعة مع التقدم في السن؛ ففي السرعة اليدوية كان أولئك الذين بلغوا الثمانينات أبطأ من الشباب في العشرينات بمعدل يمتد بين ٥٠%-٦٠%, بينما كانت نتائج زمن الرجع أفضل، فلم تظهر بعض مقاييسه تدهورًا مع العمر إلّا عند سن السبعين.

ومن الملاحظ بصفةٍ عامَّةٍ أن آثار التقدم في السن في النشاط الحسي والكفاءة الحركية عند الراشدين الأصحاء أقل مما نلاحظه من هذه الآثار بالنسبة إلى كفاءة العمليات العصبية المركزية "ومنها العمليات المعرفية التي سوف نتناولها فيما بعد"، وهي العلميات التي تنظم المعلومات التي تستقبلها الحواس, وأنماط النشاط التي يتم التعبير عنها بالحركة أو الكلام، وبالتالي ربط الفرد بالبيئة.

العلاقة بين العمر والمهارة:

من أفضل الدراسات حول العلاقة بين المهارة والتقدُّمِ في السن ما قام به فريق من علماء النفس الإنجليز بقيادة ولفورد "Welford, ١٩٥٨" "والتي نشرت عام ١٩٥٨ كتقرير نهائي لوحدة بحوث نفيلد حول مشكلات المسنين", ويبدأ هذا التقرير بالقول بأن أعضاء الجسم وعملياته تزود الإنسان "بالميكانيزمات البيولوجية" التي تجعل الأداء الماهر ممكنًا، فالذراع يمتد, والأصابع تمسك بمقبض الفنجان, ثم تحمله إلى الشفتين، والعينان تمسحان الطريق أثناء قيادة السيارة, وتسجلان ظهور سيارة أخرى, ويحاول علماء النفس الربط بين مفاهيمهم ومناهجهم وتلك التي تتوافر عند علماء الفسيولوجيا والتشريح، وقد توجد هذه الرابطة صريحةً في بعض الأحيان "كما هو الحال في زمن الرجع والتعلّم"، أو مضمرة "كما هو الحال في بعض صور الذاكرة والتفكير".

والواقع أن سلوك الفرد هو نتاج جزئي لسلسلة معقدة طويلة من التفاعلات بين الميكانيزمات الفسيولوجية والبيئة المحيطة, وتبدأ هذه كما أشرنا كثيرًا منذ لحظة تكوين الجنين, ولا تنتهي إلّا بالموت.

ولدراسة مشكلة آثار التقدُّم في السن قام ولفورد وزملاؤه بفرض أنواع

<<  <   >  >>