إسحاق ما ترى؟ فخرج إبراهيم من المسجد نحو الدار التي فيها المنكر فلما بلغ طرف الزقاق إذا كلب رابض فلما قرب منه إبراهيم نبح عليه وقام في وجهه. فرجع إبراهيم إلى المسجد وتفكر ساعة ثم قام مبادراً وخرج فمر على الكلب فبصبص الكلب له فلما قرب من باب الدار خرج إليه شاب حسن الوجه وقال: أيها الشيخ لم انزعجت؟ كنت وجهت ببعض من عندك فأبلغ كل ما تريد، وعلي عهد الله وميثاقه لا شربت أبداً وكسر الجميع ما كان عنده من الشراب وآلته وصحب أهل الخير ولزم العبادة، ورجع إبراهيم إلى مسجده فلما جلس سئل عن خروجه في أول مرة ورجوعه، ثم خروجه في الثانية وما كان من أمر الكلب، فقال: نعم، إنما نبح علي الكلب لفساد كان قد دخل علي في عقد بيني وبين الله لم أنتبه له في الوقت، فلما رجعت إلى الموضع ذكرته فاستغفرت الله عز وجل منه. ثم خرجت الثانية فكان ما رأيتم، وهكذا كل من خرج لإزالة منكر فتحرك عليه شيء من المخلوقات فلفساد عقد بينه وبين الله عز وجل، فإذا وقع الأمر على الصحة لم يتحرك عليه شيء.
أبو بكر بن محمد بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الخواص يقول: من لم يصبر لم يظفر، وإن لإبليس وثاقين ما أوثق بنو آدم بأوثق منهما: خوف الفخر والطمع.
الأزدي قال: سمعت إبراهيم الخواص يقول: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين.
وقال: على قدر إعزاز المرء لأمر الله يلبسه الله من عزه، ويقيم له العز في قلوب المؤمنين.
جعفر بن محمد الخلدي قال: سمعت إبراهيم الخواص يقول: من لم تبك الدنيا عليه لم تضحك الآخرة إليه.
خير النساج قال: سمعت إبراهيم الخواص وقد رجع من سفره، وكان غاب عني سنين، فقلت له: ما الذي أصابك في سفرك؟ فقال: عطشت عطشاً شديداً حتى سقطت من شدة العطش فإذا أنا بماء قد رش على وجهي فلما أحسست ببرده فتحت عيني فإذا برجل حسن الوجه والزي، وعليه ثياب خضر، على فرس أشهب فسقاني حتى رويت، ثم قال: ارتدف خلفي وكنت بالحاجر. فلما كان بعد ساعة قال: أي شيء ترى؟ قلت: المدينة. فقال انزل