سعيد بن عثمان قال: سمعت ذا النون يقول: من ذكر الله على حقيقة نسي في جنبه كل شيء، ومن نسي في جنب الله كل شيء حفظ الله عز وجل عليه كل شيء، وكان له عوضاً من كل شيء. قال: وسمعته يقول: أكثر الناس إشارة إلى الله في الظاهر أبعدهم من الله، قال: وسمعته يقول: إلهي إن كان صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك أملي.
وسئل عن الآفة التي يخدع بها المريد عن الله عز وجل فقال: برؤية الكرامات. قيل فبم يخدع قبل وصوله إلى هذه الدرجة؟ قال: بوطء الأعقاب وتعظيم الناس له. قال: وسمعته يقول: من ذبح الحنجرة الطمع بسيف اليأس، وردم خندق الحرص؛ ظفر بكيمياء الخدمة، ومن استقى بحل الزهد على دلو المعروف؛ استقى من جب الحكمة، ومن سلك أودية الكمد جنى حياة الأبد، ومن حصد عشب الذنوب بمنجل الورع أضاءت له روضة الاستقامة، ومن قطع لسانه بشفرة الصمت وجد عذوبة الراحة، ومن تدرع درع الصدق قوي على مجاهدة عسكر الباطل، ومن فرح بمدحة الجاهل ألبسه الشيطان ثوب الحماقة.
أبو عثمان، سعيد بن عثمان، قال: سمعت ذا النون يقول: ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنة إلا برؤيته.
يوسف بن الحسين قال: سمعت ذا النون يقول: دوام الفقر إلى الله تعالى مع التخليط أحب إلي من دوام الصفاء مع العجب.
محمد بن عبد الملك قال: سمعت ذا النون يقول: ما أعز الله وجل عبداً بعز هو أعز له من أن يدله على ذل نفسه، وما أذل الله عز وجل عبداً بذل هو أذل له من أن يحجبه عن ذل نفسه.
هلال بن العلاء قال: قال ذو النون: من تطأطأ لقط رطباً ومن تعالى لقي عطباً.
سعيد بن عثمان قال: سمعت ذا النون يقول: لا تثقن بمودة من لا يحبك إلا معصوماً.
وقال: من صحبك ووافقك على ما تحب، وخالفك فيما تكره فإنما يصحب هواه، ومن صحب هواه فإنما هو طالب راحة الدنيا.
وسمعته يقول: كل مطيع مستأنس، وكل عاص مستوحش، وكل محب ذليل، وكل خائف هارب، وكل راج طالب.
يوسف بن الحسين قال: سمعت ذا النون يقول: أنت ملك مقتدر وأنا عبد مفتقر،