للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون لنفسي عندي أن أبكيها وأبكي عليها أيام الدنيا لعلمي بما يمر عليها غداً. قال: فما بقي في المركب أحد إلا بكى.

٩١٨ - عابد آخر

من بني تيم الله.

مسكين بن دينار قال: كان في بني تيم الله شيخ متعبد يجتمع إليه فتيان الحي ونساكهم قال: فيذكرهم، فإذا أرادوا أن يتفرقوا قال: يا إخوتاه قوموا قيام قوم قد يئسوا من المعاودة لمجلسهم خوفاً من خطفات الموكل بالنفوس. قال: فيبكي والله ويبكي.

٩١٩ - عابد آخر

الأصمعي قال: كنت بالبادية أعلم القرآن فإذا أنا بأعرابي بيده سيف يقطع الطريق، لما دنا مني ليأخذ ثيابي قال لي: يا حضري، ما أدخلك البدو؟ قلت: أعلم القرآن، قال: وما القرآن؟ قلت: كلام الله. قال: ولله كلام؟ قلت: نعم. قال: فأنشدني منه بيتاً فقلت: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} الذاريات قال: فرمى بالسيف من يده وقال: أستغفر الله، رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض، ثم لقيته بعد سنة في الطواف فقال: ألست صاحبك بالأمس؟ قلت: بلى. قال: فأنشدني بيتاً آخر فقلت: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} الذاريات قال: فوقف وبكى وجعل يقول: ومن ألجأه إلى اليمين؟ فلم يزل يرددها حتى سقط ميتاً.

٩٢٠ - عابد آخر

الأصمعي قال: قال أعرابي إني لبمضلة من الأرض إذ بصرت بأعرابي قد افترس الأسد ابنه ونفر به بعيره فدق فخذه وذلك بعد أن نازل الأسد فجد له فسمعته يقول: لله درك من مصيبة جللت فلطفت وكبرت فصغرت، لئن كنت أحللت قلبي ترحاً لقد أورثتني فرحاً، وكيف لا تكونين كذلك وقد زوي بك عني عظيم وقد أورثتني صبراً جسيماً؟ فقلت: الله يا أعرابي ما رأيت أربط منك جأشاً ولا أصعب منك مراساً. فقال: يا هذا إن الصبر والجزع ضدان أحدهما بصيرة بنجدة والآخر تهور بغرة، وليس بحزم تتبع ما فات تطلبه وعزت أوبته. ثم أنشأ يقول:

وكذا أشتهي لحادث ريب الد ... هر إذ كان أن يكون عظيماً

<<  <  ج: ص:  >  >>