للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما كنت فيه. فقالت: ولم عافاك الله؟ أما علمت أن لله عباداً لا يشغلهم سواه ولا يميلون إلى ذكر غيره؟.

٩٧٥ - عابدة أخرى

عن ذي النون المصري قال: كنت في الطواف فسمعت صوتاً حزيناً وإذا بجارية متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول:

أنت تدري يا حبيبي ... من حبيبي أنت تدري

ونحول الجسم والدمع ... يبوحان بسري

يا عزيزي قد كتمت الحب ... حتى ضاق صدري

قال ذو النون: فشجاني ما سمعت حتى انتحبت وبكيت. ثم قالت: إلهي وسيدي ومولاي، بحبك لي إلا ما غفرت لي. قال: فتعاظمني ذلك وقلت: يا جارية أما يكفيك أن تقولي: بحبي لك، حتى تقولي بحبك لي؟ فقالت: إليك عني يا ذا النون، أما علمت أن لله عز وجل قوماً يحبهم قبل أن يحبوه؟ أما سمعت الله عز وجل يقول: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} المائدة: ٥٤. فسبقت محبته لهم قبل محبتهم له؟ فقلت: من أين علمت أني ذو النون؟ فقالت: يا بطال جالت القلوب في ميدان الأسرار فعرفتك. ثم قالت: انظر من خلفك. فأدرت وجهي، فلا أدري السماء اقتلعتها أم الأرض ابتلعتها.

٩٧٦ - عابدة أخرى

أبو عبد الملك قال: رأيت امرأة متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول: اللهم إني أستعديك على نفسي.

٩٧٧ - عابدة أخرى

أبو الأشهب السائح قال: بينا أنا في الطواف إذا بجويرية قد تعلقت بأستار الكعبة وهي تقول: يا وحشتي بعد الإنس، ويا ذلي بعد العز، ويا فقري بعد الغنى. فقلت لها: ما لك؟ أذهب لك مال أو أصبت بمصيبة؟ قالت: لا ولكن كان لي قلب ففقدته، قلت: هذه مصيبتك؟ قالت: وأي مصيبة أعظم من فقد القلوب وانقطاعها عن المحبوب؟ فقلت لها: إن حسن صوتك قد عطل على من سمع الكلام الطواف. فقالت: يا شيخ، البيت بيتك أم بيته؟ قلت: بل بيته. قالت: فالحرم حرمك أم حرمه؟ فقلت: بل حرمه، قالت: فدعنا نتدلل عليه على قدر ما استزارنا إليه. ثم قالت: بحبك لي إلا رددت علي قلبي. قال: فقلت من أين

<<  <  ج: ص:  >  >>