انقلبُوا على وجوههِم، خسرُوا الدنيا والآخرةِ {ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} . كما أنّ الرضا يُنزلُ عليه السكينة التي لا أَنْفَعَ له منها، ومتى نزلتْ عليه السكينةُ، استقام وصلحتْ أحوالُه، وصلح بالُه، والسُّخط يُبعِدُه منها بحسبِ قلَّتِه وكثرتِه، وإذا ترحَّلتْ عنهُ السكينةُ، ترحَّل عنه السرورُ والأمْنُ والراحةُ وطِيبُ العيشِ. فمنْ أعْظَمِ نعمِ اللهِ على عبدِه: تنزُّلُ السكينةِ عليهِ. ومنْ أعظمِ أسبابِها: الرضا عنه في جميعِ الحالاتِ.
لا تُخاصِم ربَّك:
والرضا يخلِّصُ العبد منْ مُخاصمةِ الربِّ تعالى في أحكامِه وأقضيتِه. فإنَّ السُّخط عليهِ مُخاصمةٌ له فيما لم يرض به العبدُ، وأصلُ مخاصمةِ إبليس لربِّه: منْ عَدَمِ رضاه بأقْضِيَتِه، وأحكامِه الدِّينيِة والكونيِة. وإنَّما ألحد منْ ألحدَ، وجَحِدَ منْ جحد لأنهُ نازعَ ربَّه رداء العظمةِ وإزار الكبرياءِ، ولم يُذعِنْ لمقامِ الجبروتِ، فهو يُعطِّلُ الأوامر، وينتهِكُ المناهي، ويتسخَّطُ المقادير، ولم يُذعِنْ للقضاءِ.
حُكْمٌ ماضٍ وقضاءٌ عَدْلٌ:
وحُكمُ الرَّبِّ ماضٍ في عبدِه، وقضاؤُه عدْلٌ فيه، كما في الحديثِ:((ماضٍ فيَّ حكمُك، عَدْلٌ في قضاؤك)) . ومنْ لم يرض بالعدلِ، فهو منْ أهلِ