إن سعادتك منْ هذا القصص، ومن هذا الحديثِ، ومن هذه العِبر: أن تعلم أن هناك لطفاً خفياً للهِ الواحدِ الحدِ، فتدعوه وحده، وترجوه وحده، وتسألهُ وحده، وأنَّ عليك واجباً شرعياً نزلَ في الميثاقِ الربانيِّ، وفي النَّهْجِ السماويِّ أن تسجد له، وأن تشكره، وأن تتولاَّه، وأن تتجه بقلبِك إليه. إن عليك أنْ تعلم أن هذا البشَرَ الكثير وهذا العالم الضخم، لا يُغنون عنك من اللهِ شيئاً، إنهم مساكينُ، إنهم كلهم محتاجون إلى اللهِ، إنهم يطلبون رزقهم صباح مساء، ويطلبون سعادتهم وصحَّتهم وعافيتهم وأشياءهم وأموالهم ومناصبهم من اللهِ الذي يملكُ كلَّ شيءٍ.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ، إن عليك أن تعلم علم اليقينِ أنه لا يهديك ولا ينصرُنك، ولا يحميك ولا يتولاك، ولا يحفظُك، ولا يمنحُك إلا اللهُ، إن عليك أن توحِّد اتجاه القلبِ، وتفرد الربِّ بالوحدانيةِ والألوهيةِ والسؤالِ والاستعانةِ والرجاءِ، وأن تعلم قْدر البشرِ، وأن المخلوق يحتاجُ إلى الخالقِ، وأن الفاني يحتاجُ إلى الباقي، وأن الفقيرَ يحتاجُ إلى الغني، وأن الضعيف يحتاجُ إلى القويِّ. والقوةُ والغنى والبقاءُ والعزَّةُ المطلقةُ يملكُها اللهُ وَحْدَهُ.
إذا علمت ذلك، فاسعدْ بقربهِ وبعبادتِه والتبتلِ إليه، إليه، إنِ استغفرته غَفَرَ لك، وإن تبت إليه تاب عليك، وإن سألته أعطاك، وإن طلبت منه الرزق رزقك، وإن استنصرته نصرك، وإن شكرته زادك.