أسلم أعرابيٌّ بين يدي رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه - صلى الله عليه وسلم - بعض المالِ، فقال: يا رسول اللهِ، ما على هذا بايعتُك. فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((على ماذا بايعتني؟)) قال: بايعتُك على أن يأتيني سهمٌ طائش فيقع هنا (وأشار إلى حلْقِه) ويخرج من هنا (وأشار إلى قفاه) . قال له:((إن تصْدُقِ اللهُ يصدقُكَ)) . وحضر المعركة، وجاءه سهمٌ طائش ونفذ من نحرِه، ولقي ربَّه راضياً مرضيّا.
ما المالُ والأيَّامُ ما الدُّنيا وما ... تلك الكنوزُ من الجواهرِ والذَّهَبْ
ما المجدُ والقصرُ المنيفُ وما المنى ... ما هذه الأكداسُ مِن أغلى النشبْ
لا شيء كُلُّ نفيسةٍ مرغوبةٍ ... تفنى ويبقى اللهُ أكرم من وَهَبْ
ووزَّع - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم أموالاً، فأعطى أناساً. قليلي الدين، ضحلى الأمانة، مقفرين في عالم المُثُل، وترك أناساً ثُلَّمتْ سيوفُهم في سبيلِ اللهِ، وأُنفقتْ أمواُلهم، وجُرحتْ أجسامُهم في الجهادِ والذبِّ عن الملَّةِ، ثم قام - صلى الله عليه وسلم - خطيباً في المسجدِ وأخبرهم بالأمرِ، وقال لهم:((إني أعطي أناساً لمِا جعل اللهُ في قلوبِهم من الجزعِ والطمعِ، وأدَعُ أناساً لما جعل اللهُ في قلوبِهم من الإيمانِ - أو الخيْرِ - منهم: عمرو بنُ تغلب)) . فقالَ عمروُ بنُ تغلب: كلمةً ما أريدُ أنَّ لي بها الدنيا وما فيها.
إنه الرضا عن اللهِ عزَّ وجلَّ الرضا عن حكْمِ رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، طلبَ ما عندَ اللهِ، إنَّ الدنيا لا تساوي عند الصحابي الواحد كلمة راضية باسمة منه - صلى الله عليه وسلم -.
لقد كانت وُعودُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأصحابِه ثواباً من عندِ اللهِ، وجنةً عنده ورضواناً منه، لم يَعِدْ - صلى الله عليه وسلم - أحداً منهم بقصرِ أو ولايةِ إقليمٍ أو حديقةٍ. كان