يقول لهم: من يفعلُ كذا وله الجنةُ؟ ولآخر: وهو رفيقي في الجنةِ؟ لأن البذلُ الذي بذلوه والمالُ الذي أنفقوه والجهدُ الذي قدموه، لا جزاء له إلا في الدارِ الآخرةِ، لأن الدنيا بما فيها لا تكافئُ المجهود الضخم؛ لأنها ثمنٌ بخيسٌ، وعطاءٌ رخيصٌ وبذْلٌ زهيدٌ.
وعند الترمذيِّ: يستأذنُ عمرُ -رضي اللهُ عنه - رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في العمرةِ، قال:((لا تنسنا من دعائِك يا أخي)) .
وقائل هذه الكلمة هو رسولُ الهدى - صلى الله عليه وسلم -، الإمامُ المعصومُ، الذي لا ينطقُ عن الهوى، ولكنها كلمةٌ عظيمةٌ وثمينةٌ ونفيسةٌ، قال عمرُ فيما بعدُ: كلمة ما أريد أنَّ لي بها الدنيا وما فيها.
ولك أنْ تشعر أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قال لك أنت بعينكِ: لا تْنسنا من دعائك يا أخي.
كان رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ربِّه فوق ما يصفُه الواصفون، فهو راضٍ في الغنى والفقرِ، راضٍ في السلْمِ والحربِ، راضٍ وقت القوةٍ والضعفِ، راضٍ وقت الصحةِ والسقمِ، راضٍ في الشدةِ والرخاءِ.
عاش - صلى الله عليه وسلم - مرارة اليُتْمِ، وأسى اليتمِ، ولوعة اليتمِ فكان راضياً، وافتقر - صلى الله عليه وسلم - حتى ما يجد دَقَلَ التمرِ - أي رديئه -، وكان يربطُ الحجر على بطنِه من شدَّةِ الجوعِ، ويقترضُ شعيراً من يهودي ويرهنُ درعه عنده، وينامُ على الحصير