ومن اللطائف في انكشافِ عَدَمَ صدقِ إخوةِ يوسف في مجيئِهم بثوبِهِ، وزعْمِهم أن الذئب أكله: أنهم خلعُوا الثوب برفق فلم يحصل فيه شقوقٌ، ولو أكله الذئبُ كما زعموا لمزَّق الثوب كلَّ ممزَّقٍ، ولم يخلْعْه خلْعاً.
إن حياتنا تحتاجُ إلى رفقٍ نرفقُ بأنفسِنا:((وإن لنفسِك عليك حقاً)) . نرفقُ بإخواننا:((إن الله رفيق يحب الرفق)) . نرفقُ بالمرأةِ:((رفقاً بالقواريرِ)) .
على الجسورِ الخشبيِة التي بناها الأتراكُ على ممراتِ الأنهارِ، مكتوبٌ في أول الجسرِ: رفقاً رفقاً. لأن المارَّ بهدوءٍ لا يسقطُ، أما المسرعُ فجديرُ أن يهوي إلى مستقرِّ النهر.
وفي مذكّراتٍ لأديب سوريٍّ كان يسكنُ في مدينة «السلمية» ، وله درَّاجةٌ ناريةٌ، أراد أن يعبر بها على جسر بناه الأتراكُ من الخشبِ على النهرِ، وهم بنوْه لمن أراد أن يمشي بدراجته متئداً متأنياً، قال هذا الرجل: فذهبتُ مسرعاً على جسري، فلما أصبحتُ من أعلى الجسرِ متوسِّطاً النهر، نظرتُ يَمْنَةً ويَسْرَةً، وأنا لم أرفقْ بنفسي ولا بدراجتي فاضطربتْ بي واختلَّ نظري، فوقعتُ بدراجتي في النهرِ ... وكانت قصةً طويلة.
إنَّ على مداخلِ حدائقٍ الزهورِ والورود في بعضِ مدنِ أوروبة: لوحةٌ مكتوب فيها: «تَرَفَّقْ» ، لأن الداخل مسرعاً لا يرى ذاك النبت الجميل ولا يضمنُ سلامة ذاك الوردِ الباهي، فيحصل الدعس والدفس والإبادة، لأنه ما رفق ولا تأنَّى.