هناك معادلة تربوية تقول: إن العصفور تربوية تقول: إن العصفور لا يترفَّقُ كالنحلة. وفي الحديث:((المؤمنُ كالنحلة، تأكلُ طيباً وتضعُ طيباً، وإذا وقعتْ على عُودٍ لم تكسْرِه)) . فالنحلة لا تُحِسُّ بها الزهرةُ أبداً، وهي تعلقُ الرحيق بهدوء، وتنالُ مطلوبها برفقٍ. والعصفورُ على ضآلةِ جسمِه يخبرُ الناس بنزولِه على سنابل، فإذا أراد النزول سقط سقوطاً، ووثب وثْباً.
ولا أزالُ أذكرُ قصة الرسَّام الهنديِّ، وقد رسم لوحةً بديعة الحسنِ ملخَّصها: سنبلةُ قمح عليها عصفورٌ قد وقع، وهذه السنبلة مليئةٌ بالحبِّ، مترعرعةُ النموِّ، باسقةُ الطولِ، وعلَّقها الملِكُ على جدارِ ديوانِه، ودخل الناسُ يهنِّئون الملك بهذه اللوحةِ ويشكرون الرسَّام على حسنِها، ودخل رجلٌ فقيرٌ مغمورٌ في وسطِ الزحامِ فاعترض على اللوحةِ، وأخبرَ أنها خطٌأ، وضجَّ الناسُ به وصجُّوا، لأنه خالف الإجماع، فاستدعاه الملكُ برفقٍ وقال: ما عندك؟ قال: هذه اللوحةُ خطٌأ رسمُها، وَغَلطٌ عرْضها. قال: ولِمَ؟ قال: لأنَّ الرسام رسمَ العصفور على السنبلةِ وترك السنبلة مستقيمةً ممتدةً، وهذا خطٌأ، فإنِّ العصفور إذا نزل على سنبلة القمحِ أمالها، وأخضعها، لأنه ثقيلٌ لا يملكُ الرفق. قال الملكُ: صدقت. وقال الناسُ: صدقت. وأنزل اللَّوْحة، وسُحبت الجائزةُ من الرسامِ.
إنَّ الأطباء يُوصون بالرفقِ في تناولِ العلاجِ، وفي مزاولةِ العملِ والأخذِ والعطاءِ.
فذاك يقلعُ ظفْره بيده، وذاك يباشرُ سِنِّه بنفسِه، وآخر يَغُصُّ باللقمة، لأنه أَكَبرَها وما أحسن مضْغها.