للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفسُه شمساً مشعَّةً للضوءِ والحبِّ والخيرِ، وأنْ يكون قلبُه مملوءاً عطفاً وبراً وإنسانية، وحباً لإيصالٍ الخيرِ لكلِّمن اتصل به.

النفسُ الباسمةُ ترى الصعابَ فيلذُّها التغلُّبُ عليها، تنظرُها فتبسَّم، وتعالجها فتبسمْ، وتتغلبْ عليها فتبسمْ، والنفسُ العابسةُ لا ترى صعاباً فتخلفها، وإذا رأتْها أكبرتْها واستصغرتْ همَّتها وتعلَّلتْ بلو وإذا وإنْ. وما الدهرُ الذي يلعنُه إلا مزاجُه وتربيتُه، إنه يؤدُّ النجاح في الحياةِ ولا يريدُ أن يدفع ثمَنَهُ، إنه يرى في كلِّ طريق أسداً رابضاً، إنه ينتظرُ حتى تمطرَ السماءُ ذهباً أو تنشقَّ الأرضُ عن كَنْزٍ.

إن الصعابَ في الحياةِ أمورٌ نسبيةٌ، فكلُّ شيءٍ صَعْبٌ جداً عند النفسِ الصغيرةِ جداً، ولا صعوبة عظيمةً عند النفسِ العظيمةِ، وبينما النفسُ العظيمةُ تزداد عظمةً بمغالبةِ الصِّعابِ إذا بالنفوس الهزيلةِ تزدادُ سقماً بالفرارِ منها، وإنما الصعابُ كالكلبِ العقورِ، إذا رآك خفت منهُ وجريْتَ، نَبَحَكَ وعدا وراءك، وإذا رءاك تهزأُ به ولا تعيره اهتماماً وتبرقُ له عينك، أفسح الطريق لك، وانكمش في جلدِه منك.

ثمَّ لا شيء أقتلُ للنفسِ من شعورِها بضَعَتِها وصِغَرِ شأنِها وقلَّةِ قيمتهِا، وأنها لا يمكنُ أن يصدر عنها عملٌ عظيمٌ، ولا يُنتظرُ منها خيرٌ كبيرٌ. هذا الشعورُ بالضَّعةِ يُفقِدُ الإنسان الثقة بنفسِه والإيمان بقوتِها، فإذا أقدم على عملٍ ارتاب في مقدرتِه وفي إمكانِ نجاحِه، وعالجه بفتورٍ ففشِلَ فيهِ. الثقةُ بالنفس فضيلةٌ كبرى عليها عمادُ النجاحِ في الحياةِ، وشتَّان بينها وبين الغرورِ الذي يُعدُّ رذيلةً، والفرقُ بينهما أنَّ الغرور اعتمادُ النفسِ على الخيالِ

<<  <   >  >>