للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودأبه الذي ذكره الزرنوجي أنه كان يوقف بداية السبق يوم الأربعاء قد اقتدى به كثير ممن جاء بعده حتى علماء زماننا فإنهم يوقفون بداية السبق إلى الأربعاء ويقولون الكتاب الذى يشرع فيه يوم الأربعاء يوفق الله لإتمامه في زمان يسير وأما الحديث الذى ذكره فقد مر في ترجمة أحمد بن عبد الرشيد أن صاحب الهداية روى هذا الحديث عنه بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وقد تكلم فيه بعض المحدثين فقال شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي في المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة لم أقف له على أصل ويعارضه حديث (١) جابر مرفوعا يوم الأربعاء يوم نحس مستمر رواه الطبراني في الأوسط وهو ضعيف انتهى. وتعقبه علي القاري في رسالته المصنوع في معرفة الموضوع بقوله فيه أن (٢) معناه كان يوما نحسا مستمراً على الكفار فمفهومه أنه سعد مستقر على الأبرار وقد اعتمد من أئمتنا صاحب الهداية على هذا الحديث وكان يعمل به في ابتداء درسه وقد قال العسقلاني بلغنى عن بعض الصالحين ممن لقيناه أنه اشتكت الأربعاء إلى الله تشاؤم الناس بها فمنحها أنه ما ابتدئ بشيء فيها إلا ثم انتهى كلام القارى. قلت قد استخرجت لذلك أصلا آخر لطيفا (٣) وهو ما أخرجه البخاري في الأدب وأحمد والبزار عن جابر بن عبد الله قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد مسجد الفتح يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له بين الصلاتين أي الظهر والعصر من الأربعاء قال جابر


(١) قد جاء هذا الحديث أيضاً من رواية على أخرجه ابن مردويه من طريقين في أحدها عباد ابن يعقوب وفي ثانيهما يحيى بن العلاء من رجال ابن ماجة وأبي داود وقد تكلم فيهما وورد من حديث ابن عباس بلفظ أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر أخرجه الخطيب وغيره وفيه سلمة بن الصلت تكلم فيه كذا في تنزيه الشريعة عن الأحاديث الموضوعة لعلىّ بن محمد بن عليّ بن محمد بن عراق.
(٢) كذا ذكره جمع من المحدثين ومنهم الحليمي حيث قال في كتابه شعب الإيمان بعد ذكر الحديث أى على المفسدين لا على المصلحين كالأيام النحسات كانت محسات على الكفار من قوم عاد لا على نبيهم ومن آمن به منهم ويحتمل أن يكون هذا هو سر ما ورد من حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح ثلاثًا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين قال جابر فلم ينزل بي أمر إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة فيكون يوم الأربعاء تحساً على الظالم وتستجاب فيه دعوة المظلوم كما استجيبت فيه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم على الكفار انتهى.
(٣) ثم رأيت في تنزيه الشريعة أصلا آخر وعبارته بعد ذكر حديث نحوسة يوم الأربعاء ومما اشتهر على الألسنة نقيض هذا حديث ما ابتدئ بشيء يوم الأربعاء إلا تم ولا أصل له وينسب لصاحب هداية الحنفية أنه كان يوقف بداية السبق على يوم الأربعاء ويحتج بهذا الحديث وكذا كان جماعة من أهل العلم والأولى أن يلحظ في ذلك ما في الصحيحان أن الله خلق النور يوم الأربعاء والعلم نور فيقاس لتمامه بهدايته إذ يأبي الله إلَّا أن يتم نوره انتهى.

<<  <   >  >>