للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الغَرَضِ (١)، ثمَّ يَدعُوه فيُقبِلُ ويتهلَّلُ وجهُهُ يَضْحَكُ، فبينما هوَ كذلكَ إذْ بعثَ اللَّه المسيحَ ابنَ مريمَ فيَنزِلُ عندَ المنارَةِ البيضاءِ شَرقيَّ دِمشقَ بينَ مَهْرودَتَيْنِ (٢) واضعًا كفَّيْهِ على أجنحةِ مَلَكَيْنِ، إذا طَأْطَأَ رأسَهُ قَطَرَ، وإذا رفعَهُ تحدَّرَ منهُ مثلُ (٣) جُمانٍ كاللُّؤلؤِ، فلا يَحلُّ لكافِرٍ يجدُ رِيحَ نفسِهِ إلَّا ماتَ، ونَفَسُهُ يَنتهي حيثُ يَنتهي طَرْفُهُ، فيطلُبُهُ حتَّى يُدرِكَهُ ببابِ لُدٍّ (٤) فيقتُلُه، ثمَّ يأتي عيسَى بنَ مَريمَ قومٌ قدْ عصمَهُمُ اللَّه منهُ، فيمسَحُ عنْ وجوهِهِمْ ويُحدِّثُهُمْ بدرَجاتِهِمْ في الجنَّةِ، فبينما هوَ كذلكَ إذْ أَوْحَى اللَّه إلى عيسى: إنِّي قدْ أخرجتُ عِبادًا لي لا يَدانِ لأحدٍ بقتالِهمْ فحَوِّزْ (٥) عِبادِي إلى الطُّورِ، ويبعثُ اللَّه يأْجوجَ ومأْجوجَ {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} (٦) فيمُرُّ أوائِلُهُمْ عَلَى بُحيرةِ طَبَرِيَّةَ فيَشرَبون ما فيها، ويمُرُّ آخِرُهُمْ فيقول: لقدْ كانَ بهذِهِ مرَّة ماءٌ، ثمَّ يَسيرونَ حتَّى يَنتهُوا إلى جَبَلِ الخَمْرِ، وهو جَبلُ بيتِ المَقْدِسِ، فيقولون: لقدْ قَتَلنا مَنْ في الأرضِ هَلُمَّ فلْنَقْتُلْ مَنْ في السَّماءِ، فيَرمونَ بنُشَّابِهِمْ إلى السَّماءِ، فيرُدُّ اللَّه عليهِمْ نُشَّابَهُمْ مَخْضوبَةً دَمًا. ويُحْصَرُ نبيُّ اللَّه وأصحابُهُ حتَّى يكونَ رأسُ الثَّوْرِ لأحدِهِمْ خَيرًا مِنْ مائةِ دِينارٍ لأحدِكُمُ اليومَ، فيَرْغَبُ نبيُّ اللَّه عِيسَى وأصحابُهُ


(١) جزلتين: أي قطعتين، ومعنى رمية الغرض أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رمية (النووي، المصدر نفسه).
(٢) أي لابس حلتين مصبوغتين بورس أو زعفران. وروي بالذال: مهروذتين.
(٣) لفظة "مثل" ليست عند مسلم. قال النووي في شرح صحيح مسلم ١٨/ ٦٧، قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تحدّر منه جُمانٌ كاللؤلؤ" المراد يتحدّر منه الماء على هيثة اللؤلؤ في صفاته فسمّي الماء جُمانًا لشبهه به في الصفاء.
(٤) بلدة قريبة من بيت المقدس (النووي، المصدر نفسه).
(٥) قوله "فحوِّز عبادي إلى الطور" أي ضمهم إليه (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث ١/ ٤٥٩) ولفظ مسلم "فحرِّز".
(٦) سورة الأنبياء (٢١)، الآية (٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>